د.ثريا العريض
عام 1988 كان أول عهدي بتحدي المقالة اليومية بزاوية «بيننا كلمة» في جريدة وطنية التداول ملتزمة بالكتابة 6 أيام أسبوعياً. وأنا ابنة الساحل الشرقي وواحاته قبلت تحدي محاورة الوطن بكل تضاريس أحلامه.
صادف اليوم الوطني 23 سبتمبر 1988يوم الجمعة الذي لا أنشر فيه, ولكن رئيس التحرير استحثني لأواكب المناسبة الوطنية المهمة, فنشرت مقالة بعنوان «حلم تحقق»,حول حلم المؤسس الشاب عبد العزيز باستعادة وتوحيد الأرض. ونجاحه في تحقيق الحلم الذي بدا للآخرين شبه مستحيل.
بنيت رؤيتي يومها على قراءتي لتسجيلات التاريخ عن حياة وشخصية وتحركات وفكر الملك المؤسس الذي تجاوز الحلم باستعادة منطقة حكم أجداده, فيؤسس «المملكة العربية السعودية», ويدخل معها التاريخ من أوسع أبوابه على صهوة جواد.
اليوم 23 سبتمبر 2018 يتصاعد الفخر في المملكة وكل من تابع خطواتها، بل قفزاتها مؤخراً بمعايشة حلم شبابي جديد يرونه ويلمسونه ويتفاعلون معه بانبهار مستحق ..»حلم يتحقق» هو حلم حفيده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الذي بدأ يستعيد السيادية الثقافية المستلبة. نعايش, والعالم كله يتابع معنا, القفزة الجديدة غير المتوقعة لمجتمع متنوع متعدد الخلفيات الثقافية, ليدخل القرن الجديد على صهوة «الرؤية» وتطلعات إستراتيجية «التحول»، ويوطد موقع المملكة،كما يراها, جديرة بالفوز في السباق العولمي التقني، حيث المملكة تتجاوز الفخر بمكتسبات مرحلتي التأسيس والتوطيد ومرحلة التذبذب مع تراجعات الطفرة وما أطلق عليه «صحوة», إلى مرحلة صدارة عولمية مستدامة مستحقة.
بمثل إصرار جده المؤسس, ومدعوماً بوعي والده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بحقائق التاريخ والقيادية، وإدراكه أن القوة الحقيقية هي في تداعم الأصالة والمعاصرة بوعي وعلم متجدّد وليس بعنعنة يختلق بعض محتواها الكاتبون، يبادر ولي العهد الشاب إلى تحويل الوجهة من السير، والنظر مركز على الخلف، حيث الماضي التاريخي يسخر من قبل المستفيدين لأغراض وأجندات فئوية وفردية, ليوضح أن الوجهة لا بد أن تكون إلى الأمام، وأن ميراث الماضي بكل ما فيه من خير وشر يجب أن يحكم عليه بميزان التمحيص, وفرز الإيجابي من السلبي, للاستفادة مما يفيد وإيقاف ما يضر، والبدء بتعطيل مفعول التلوث, وتطهير المملكة من منابر نشر الأفكار الهدَّامة, وممارسات المعتادات التي تقود إلى ترسيخ التشرذم محلياً وعالمياً.
الحلم واضح التفاصيل في رؤية القائد الحالم الذي يدرك أن تحويله إلى حقيقة معاشة يتطلب عدم التراخي والتلكؤ والتهاون في إغلاق كل منفذ ينفذ منه مناوئ وكاره أو عدو يرفض أن يتقبل «التحول» ويتشبث بما ترسخ سائداً مقصوداً من ذوي الأجندات, وما هو نتيجة جهل الغافلين عنهم.
جبهات عدة يدير فيها القائد الملهم مجريات السباق متحرياً الوصول بالوطن إلى سيادية مكتملة وصدارة مستحقة؛ سياسياً بالتحالفات الدولية على مستوى التساوي وليس التبعية, وعسكرياً بإلغاء مكتسبات التسلّل الإيراني وسعيه للسيطرة والهيمنة على الجوار, واجتماعياً بتطوير الجهاز القضائي، وتمكين الشباب وتفعيل دور المرأة في البناء, وثقافياً بضبط محتوى التعليم والتركيز على الهمة والذمة الفردية, وتنموياً بإعادة تدوير وتسخير مكتسبات مشاريع العقود السابقة للاستفادة القصوى وتحجيم الهدر, واقتصادياً بمشاريع التعاون والانفتاح التجاري والصناعي والسياحي استعداداً لمستقبل لا يعتمد على مصدر ريعي واحد ناضب.
حلم سيتحقق بتوفيق من الله وتفهم وتداعم كل مكونات المجتمع، وعلى رأسهم ذوو الخبرة الذين يحتاجهم الحالمون لدفة النصح والتقييم.
هي نخبة قلة, تملك الخبرة وتعي أن الحلم سفينة في خضم بحر حي, وإيصالها لشاطئ الأمان يحتاج معرفة مخاطر البحر واتجاه التيارات والرياح.