أ.د.عثمان بن صالح العامر
القارئ في سيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - رعاه الله-، والعارف بتفاصيل حياة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين - حفظه الله-، يلحظ اهتمامهما الكبير بالتاريخ، وعنايتهما العظيمة بكتبه وأبحاثه، قصصه ورواياته، أخباره وأحداثه، أشخاصه وشخوصه، خاصة السعودي منه، وعلى وجه أخص ما كان من أحداث زمن ملحمة التوحيد التي سطّرها حقيقة لا يمكن أن تُمحى من صفحات التاريخ جلالة الملك الباني والمؤسس الرمز عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
يقول «ابن خلدون» في مقدمته عن أهمية هذا العلم: (... التاريخ فن عزيز المذهب، جم الفوائد، شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا..).
ويقول «ابن الأثير» - رحمه الله- في معرض رده على من يحاول إنكار أهمية التاريخ ودوره: (... ولقد رأيت جماعة ممن يدّعي المعرفة والدراية، ويظن بنفسه التبحر والعلم والرواية، يحتقر التواريخ ويزدريها، ويعرض عنها ويلغيها، ظناً منه أن غاية فائدتها إنما هو القصص والأخبار، ونهاية معرفتها الأحاديث والأسمار، وهذه حال من اقتصر على القشر دون اللب نظره... ومن رزقه الله طبعاً سليماً وهداه صراطاً مستقيماً علم أن فوائدها كثيرة، ومنافعها الدنيوية والأخروية جمة غزيرة).
إن النظرة الموضوعية للتاريخ تؤكّد أنه من غير الممكن تجاهل أثره باعتباره مكوناً أساساً من مكونات أي رؤية تروم التغيير المتكئ على أساس صحيح وركن شديد، ورؤيتنا المستقبلية 2030 ليست خارج هذه القاعدة المهمة في تاريخ الدول والأمم والحضارات، ومن هذا الباب كان لزاماً التأكيد هنا أن التاريخ باعتباره مكوناً من مكونات شخصية وهوية الجيل السعودي الجديد، وخصوصاً أن هناك من شبابنا وفتياتنا الذين تخصصوا في الطب أو الهندسة أو التقنية أو ... من تقال شأن هذا العلم ولَم يعره اهتمامه، متناسين أنه هو من صنع لهم حاضرهم، ووضع اللبنات التي عليها صعدوا وصولاً لما هم فيه من حال، وما تتوق نفوسهم الوصول إليه في قادم الأيام، ولذا أقترح في هذا الباب أن ينبري أهل الاختصاص لتأليف مقرر دراسي لمرحلة البكالوريوس يقرر كمتطلب جامعي يدرسه جميع طلاب وطالبات الجامعة مهما كان تخصصهم، تركز مفرداته بشكل مباشر على تاريخ دولتنا المباركة وبلادنا المتميزة المملكة العربية السعودية، ويربط بين رؤية المملكة 2030 وماضينا المجيد أيام الملك عبد العزيز - رحمه الله - وصولاً لحاضرنا المتميز في عهد العزم والحزم عهد سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان بن عبد العزيز - رعاهما الله - مع استشراف ما سيكون في قادم الأيام بإذن الله على ضوء ما هو ضمن مفردات مشروع رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 والمبادرات النوعية التي تتسابق الوزارات المعنية والمؤسسات الخاصة والشباب والفتيات بصفتهم الشخصية لتقديمها والفوز بها هذه الأيام،،، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.