تحل ذكرانا المجيدة لليوم الوطني لمملكتنا الغالية وفيه يبلغ الوطن عامه الـ 88، ليتجدد في كل مواطن سعودي فخره بالانتماء إلى هذه الأرض الطاهرة، ولنباهي فخرا بالنمو والتطور والازدهار الذي تشهده مختلف أرجاء البلاد - بفضل الله - ثم ما ننعم به من وحدة وسلام نتيجةً لترسيخ وحدتنا على يد مؤسس هذا الكيان العظيم الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وأبنائه البررة من بعده، وحتى هذا العهد الزاهر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله.
وفي ضوء ما نلمسه جميعاً من تطور ونماء شمل أهم القطاعات القادرة على النهوض بالمهمة الريادية المستقبلية تحقيقا لرؤية 2030، ومن بينها قطاع النقل العام، يأتي تدشين مشروع قطار الحرمين السريع متوّجا لما تعيشه صناعة النقل في المملكة من قفزات متتالية، ولا أدل عليها من تشغيل قطار الحرمين السريع الذي يحتل مكانة فريدة كأكبر مشروع للنقل العام في الشرق الأوسط.
وانطلاقا من الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الرشيدة بالحاج والمعتمر والزائر، فإن مشروع قطار الحرمين يأتي مترجما لحجم عناية المملكة وقيادتها بضيوف الرحمن، فقطار الحرمين الذي يستهدف نقل 60 مليون مسافر سنوياً بين خمس محطات في كل من مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ، ومحافظة جدة، ومطار الملك عبد العزيز الدولي ينفرد بميزات تعكس العمق الاستراتيجي لتطوير صناعة النقل في المملكة، وهو القطار الكهربائي عالي السرعة (تتجاوز 300 كلم / ساعة) القادر على قطع كامل المسار (من مكة إلى المدينة) في ساعتين تقريبًا.
إن المملكة، وهي تعمل جادة على التحول إلى منصة لوجستية عالمية بحلول 2030، لن تتنازل عن معايير الكفاءة والتفرّد التي تكفلها التقنية الحديثة في مشاريع الوطن العملاقة، ولن تقبل بديلا عن تحقيق الاختلاف النوعي إقليميا ودوليا، ولن يغفل شباب هذا الوطن عن عزمهم الجاد على توطين مختلف الصناعات التي أثبتوا مع مرور الوقت ومع منحهم الفرصة الكافية، وتعزيزهم بالتدريب المتخصص، فقد قطعوا الشك باليقين بأنهم الأقدر والأكفأ على النهوض بها وتحقيق مفهوم الاستدامة الكفيل بترسيخها في المستقبل.
وإن هذا التطور المتسارع في صناعة النقل، يعبر بوضوح عن عظمة النهضة الحضارية التي تعيشها بلادنا الغالية في هذه الفترة المضيئة من تاريخها الحديث. كما ندرك جميعا أن (رؤية المملكة 2030) أضاءت نبراسا ومهدت طريقا لا مكان فيه سوى للعمل على تحسين الواقع وتحويلنا إلى مجتمع منتج وفق نهج إداري واقتصادي دقيق لبناء وطن يسوده الرخاء ويظله الأمان، وليستمر بناء الإنسان ورعايته والعناية به لكي يؤدي دوره الإنساني والحضاري المأمول وهو الذي امتلك الوسائل التي تساعده على المشاركة الفاعلة في إعمار هذا الكون.
من هذا المنطلق، يأتي دور هيئة النقل العام في تنظيم بيئة النقل البري والبحري والسككي، وتشريع أنشطتها والاستثمار فيها، بالرؤية التي تحقق أعلى معدلات التوطين وتتماشى مع أدق المعايير العالمية الكفيلة بتحويل النقل ومختلف قطاعاته إلى رافد اقتصادي وطني يعوّل عليه في مسار المستقبل الزاهر.
إن ما نعيشه اليوم في عهد العزم والحزم هو امتداد لحرص القيادة الرشيدة على ترسيخ مكانتنا كدولة ذات حضور مؤثر وفاعل في المشهد الدولي، وعلى تحقيق الآمال الكبيرة على مستوى الوطن، ويأتي كل هذا في ظل تمسكنا بالمنهج القويم لهذه البلاد، والسعي الراسخ إلى تحقيق الأمن والاستقرار للبلاد وساكنيها، ليعم بذلك الرخاء والرفاه في كافة أرجاء الوطن.
ختامًا، أتشرف بهذه المناسبة أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريك إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - يحفظهما الله - وإلى الشعب السعودي الكريم، والذي تتجدد سمات ولائه بدءًا من كل مواطن مدني وتمتد لتتكامل مع جهود جنودنا البواسل، وما يقدمونه من تضحيات إعلاء لكلمة الله وحماية لحدود الوطن، مؤكدين كل يوم أننا في وطن يستحق كل هذا الحب والولاء.
يأتي كل هذا كترجمة وطنية عملية من أبناء هذا الوطن المعطاء تجاه واجبات وطنية نبيلة، ولها آثار يلمسها العالم، وتصل إلى كل من ينعم بالحياة على ثرى وطننا الطاهر من مواطن ومقيم.
** **
د. رميح بن محمد الرميح - رئيس هيئة النقل العام