عمر إبراهيم الرشيد
غرة العام المتمم للعقد الرابع من القرن الخامس عشر الهجري، فأنعم بالتوقيت وأنعم بالإنجاز الذي بث المزيد من مشاعر الفخر بهذا الوطن وقيادته، ذلكم هو عقد المصالحة بين إثيوبيا وأريتريا، وهما ماكان يشكل أرض الحبشة التاريخية، ثم المصالحة بين أريتريا وجيبوتي، والأمل في لم شمل الصوماليين وإعادة هذا البلد المنهك بالحروب والقلاقل إلى سابق عهده الأخضر، بجهود وحنكة قيادة المملكة بمشيئة الله تعالى. إنهاء النزاعات ليس بالأمر الهين، إلا بتوفر طرف ثالث يملك من نزاهة المقصد والحكمة وعمق وبعد النظر السياسي مايمكنه من أداء هذا الدور الخطير، الأمر الذي مكن المملكة من عقد هذه المصالحة التاريخية بين خصمين من أرض وأمة واحدة.
ليس هناك مسلم مدرك إلا ويعلم بقصة الهجرة الأولى للمسلمين الأوائل إلى أرض الحبشة، وحسن استقبال النجاشي رحمه الله تعالى لهم، وتأثره لسماع آيات من سورة مريم لما عرف من الحق وعظم ماجاء فيها. هذا الملك الذي حث النبي صلى الله عليه وسلم صحابته للهجرة إلى دولته وشهادته له بالعدل، والذي صلى عليه النبي والصحابة صلاة الغائب حين وفاته، علما بأنه لو قابل النبي الكريم وجها لوجه لعد من الصحابة لكنه اعتبر من التابعين رضي الله عنه. فمن وجوه عظمة هذا الإنجاز السعودي توقيته في غرة العام الهجري مع استحضار ذكرى الهجرة الأولى وارتباطاتها مع الحبشة (إثيوبيا وأريتريا)، ثم إن هذه المصالحة وكأنها، زيادة على أهميتها للأمن الأفريقي - العربي إستراتيجيا وسياسيا واقتصاديا، أتت كرد تاريخي من هذا الملك العربي الهمام لمأثرة الملك العادل النجاشي. هو استلهام لدروس التاريخ ودوراته العظيمة، وكما قلت هي السياسة السعودية في لم الشمل وتعزيز السلم الإقليمي، ورد الكيد الصهيوني والصفوي، لأن استتباب الأمن في الجوار الأفريقي وباب المندب يشكل شلا للأيادي العابثة في الخاصرة العربية اليسرى كما الظهر اليمنى أيضا، والذي تقف فيه المملكة مع دول التحالف بالمرصاد لرد ذلك الكيد، والله غالب على أمره.
أفريقيا، أرض الخيرات المكتنزة للثروات والمعادن ورئة العالم أجمع، استقرارها نماء للعالم كله، فها هي كذلك رواندا التي شهدت من ويلات الحرب الأهلية نهاية الثمانينات الميلادية وحتى بداية التسعينات ما اعتبر من أشنع الحروب القبلية، هاهي الآن تشهد تحولا تنمويا واستقرارا سياسيا واجتماعيا مع اقتصاد واعد، وذلك حين أدرك الروانديون أن الحرب لا تأكل إلا أبناءهم. ومالاوي كذلك وهي الدولة الأفريقية الفقيرة، حين خالفت توصيات البنك الدولي وهو المعروف بفرض شروط الدول المساهمة فيه ومصالحها الخاصة، فعملت حكومة مالاوي على اتباع مافي مصالحها لا مصالح تلك الدول، أتت النتائج كما أرادت مالاوي فزاد الإنتاج الزراعي وانطلقت عجلة التنمية وعم الاستقرار، طابت أيامكم.