عماد المديفر
يقول «مايكل شوير» رئيس الوحدة الخاصة بتعقب ابن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA لمدة تزيد على العقدين إن الدول والأنظمة العربية المعتدلة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، هي العدو الأول والهدف المباشر لتنظيم القاعدة ولجميع الحركات الإسلاموية المتطرفة. وهو الأمر ذاته الذي وجده السيناتور «روبرت كيسي» الذي ذكر أن «دعم إيران للإرهاب حقيقة موثقة بالأدلة»، وأنها «تقدم الدعم السياسي والمسلح للحركات الميليشوية كحزب الله وحماس والقاعدة والجهاد الإسلامي»، وأنها «منخرطة بشكل مباشر بالأنشطة الإرهابية بالشرق الأوسط بهدف تحقيق مصالحها».
وقد أثبتت الوثائق التي تم التحصل عليها من وكر الإرهابي الهالك «ابن لادن»، ونتائج تحقيقات الحادي عشر من سبتمبر، تلك العلاقة القوية التي تجمع القاعدة بالحرس الثوري، وبحزب الله، وبفيلق القدس، وبالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وبعدد من قيادات التيار السروري «الفرع السلفي للإخوان بزعمهم» كأمثال سلمان العودة وسفر الحوالي، وما يسمى بـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الذي أنشأته قطر، والذي يتزعمه مفتي الإرهاب «يوسف القرضاوي» وأسماء أخرى كمحمد الأحمري، ومركز الدراسات الذي أنشأه بدعم الدوحة، والمعني بـ«السلفية» -كما يقول حامد العلي -، ومنظر الإخوان «عبدالله النفيسي»، كما برزت العلاقات الوطيدة لـ«جمال خاشقجي» الذي وصل إلى مراكز قيادية إعلامية واستشارية في أماكن ومفاصل حساسة بـ«أسامة بن لادن» وبعديله الإخواني «جمال خليفة» الذي له صولات وجولات تحت غطاء «هيئة الإغاثة الإسلامية»، وبالمتهم بقضايا الإرهاب رجل الأعمال «ياسين القاضي» الذي توسط له «خاشقجي» شخصيًّا عند مسؤولين في الدولة لمحاولة إنقاذه من تهم دعمه للإرهاب في الولايات المتحدة الأمريكية، وعمل على متابعة موضوع توكيل محامين للدفاع عنه. وهؤلاء جميعا (ابن لادن وخاشقجي وياسين وخليفة) هم أصدقاء منذ فترة المراهقة تقريبًا، نشؤوا في بيئة واحدة، في أحضان حركة تنظيم الإخوان المسلمين، وقد تبيّن فيما بعد أن القاضي هذا له علاقة مباشرة بـ«عبدالرحمن العمودي» وأنهما مرتبطان بشركة BMI التي اتهمت بدعمها لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر ومحاولة الاغتيال الفاشلة للملك عبدالله يرحمه الله. والذين أيضًا تربطهم علاقات وثيقة (عبر العمودي) بـ«سعد الفقيه» و«سامي العريان» و«حزب الله» و«حماس». كما لـ«القاضي» علاقات وطيدة أيضًا بالقيادي الإخواني «محمد قطب» وابنه «أسامة قطب» ومنظمة «كير». كما يتمتع أيضًا بعلاقات قوية مع الرئيس التركي «أردوغان»، ورجل الأعمال الدكتور «وليد فتيحي».. وهذه الأسماء جميعها تقدم نفسها كأسماء «معتدلة» و«وسطية» و«إصلاحية»!
ثمة حقيقة مؤكدة، تحدثت عنها مرارا، وأوردت الأدلة المثبتة تجاهها.. هي أن نظام عمائم الشر والإرهاب في طهران في حلف راسخ مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين - ارجع لأرشيف مقالتي في الجريدة التي تناولت العلاقة البنيوية والتاريخية بين التنظيم الدولي للإخوان والنظام الإيراني - وأن كليهما هدفه الأساس، ومحصلة جهوده في النهاية، هدم الدولة السعودية وتخريبها تمهيدًا لتفكيكها واحتلالها، وأن العمل جارٍ على قدم وساق، منذ الستينيات الميلادية، على التغلغل في مفاصلها وبنيتها التحتية، انطلاقًا من التعليم والدعوة والإعلام، وصولاً إلى كل مكان، تمهيدًا للتحكم بمواردها، ومحاولة السيطرة التامة عليها من خلال طابور خامس يتم زراعته بيننا.
وضمن هذا السياق، فقد أثبتت وثائق «أبوت أباد» أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، المخططة من قبل الكويتي (خالد شيخ محمد) المدعوم بشكل مباشر من وزير الداخلية القطري إذ ذاك عبدالله بن خالد آل ثاني، تقرر تأجيل تنفيذها سنة كاملة حتى يتسنى لتنظيم القاعدة جمع أكبر عدد ممكن من العناصر الإرهابية التي تحمل الجنسية السعودية حصرًا للزج بهم في هذه العملية بقصد ضرب العلاقات السعودية الأمريكية، واستهداف سمعة المملكة وهويتها وربطها بالإرهاب.
قطر بدورها كانت على علاقة وثيقة بنظام عمائم الشر والإرهاب في إيران، وكان ولا يزال التنسيق بينهما جاريًا على قدم وساق منذ النصف الثاني من الثمانينيات الميلادية حتى يومنا هذا - أوردت أدلة ذلك في مقالات سابقة يمكن الرجوع إليها في أرشيف الجريدة الإلكتروني -.
إذن (15) عنصرًا من الإرهابيين الذين نفذوا اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 هم ممن يحمل الجنسية السعودية؟ زعيم القاعدة الإخواني أسامة بن لادن سعودي الجنسية؟ - ولو كان من أصول حضرمية، ونشأ في بيئة صوفية، وتم سحب الجنسية منه حين تبين للجهات الأمنية السعودية تورطه بالإرهاب لكن العالم أجمع لا يذكر ولا يعرف عنه إلا أنه سعودي..! - «داعش» ووسم دعاة الصحوة وكتابها قبل غيرهم بأنها «نبتة سلفية»؟! الفيلم الدعائي الذي بثته ماكينة «داعش» الإعلامية وهي توزع مجموعة من المطبوعات وضعت على غلافها أنها «كتاب التوحيد» للشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله؟ قيام عدد من الصحونج داخل المملكة - إذ ذاك - بالترويج لـ«نصرة إخواننا في العراق»؟ إثارة الكذب والدعايات المضللة المهيجة للعواطف حول من يسمون بـ«الروهينجا» و«الايغور» وغيرهم؟! الترويج لابن لادن والدعاء له بالرحمة وإسباغ لقب «الشيخ» و«الشهيد» عليه؟ (جاستا) الذي فرح به وهلل له الطابور الخامس حين سعى تحت مسمى «الغيرة» على المملكة، و«الوطنية»، لحساولة دق اسفين في العلاقات السعودية الأمريكية، وترويج مقالات للقيادي الإخونجي «سامي العريان» ولغيره، وكأنهم يدافعون عنا، ومنها تصريحات رنانة (فارغة) لأردوغان، يدعي فيها وقوفه التام مع المملكة «في وجه أمريكا والإمبريالية الغربية»؟! ومقالات «خاشقجي» ومشاركاته في الإعلام الدولي حينها؟ الذي وصفه بـ«المقرب من مطبخ صنع القرار في المملكة»؟!
إن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ما انفك يعمل بشكل مزدوج خبيث، ففي الوقت الذي يخترق فيه صفوفنا ومجتمعاتنا ساعيًا للتحكم بالتوجيه والوعي المجتمعي من الداخل؛ ليبث من خلال ذلك بين أبنائنا وشبابنا ومجتمعاتنا الفكر المتطرف، ويزج بهم للإرهاب، ويوظفهم في حروب ترفع شعارات عاطفية متنوعة كـ«دعم الأقليات المسلمة المضطهدة» بزعمهم، فيما هي في حقيقتها حركات إرهابية مسلحة تابعة للإخوان المسلمين، فإنه يقدم نفسه من خلال رموزه البارزين، خاصة في الخارج، بأنه تيار يمثل الوسطية والاعتدال، ويدعو للديمقراطية والانفتاح والحكم الرشيد! وفي ذلك تفصيل يطول، لكن السؤال المهم الذي لا يزال قائمًا الآن هو: كم «خاشقجي» لا يزال مستترًا بيننا ولم نكشفه بعد؟
إلى اللقاء.