تعيش المملكة هذه الأيام أجواء احتفالية كبيرة تتجسد فيها مشاعر أبنائها في حب الوطن والانتماء إليه، بمناسبة اليوم الوطني الـ88، في الوقت الذي نمضي فيه قدماً وبخطى ثابتة نحو مرحلة جديدة من النمو، تتكامل فيها إستراتيجيات القطاعين العام والخاص في مضمونها وأهدافها مع تطلعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية .
لقد حققت المملكة إنجازات استثنائية، رسّخت موقعها الرائد على الساحة الدولية، وجعلت منها مثالاً يقتدى به في العالم بأسره في مجال التنمية والابتكار، وتأتي احتفالات اليوم الوطني فرصة للاحتفاء بأمجاد الوطن، والتطلع قدماً نحو نجاحات وطنية أكبر في المستقبل.
إنَّ يوم الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام ليس هو نقطة إشعاع فقط، وإنما هو يوم تحفيز للقيادة الرشيدة لهذه الدولة وشعبها لإعطاء المزيد من الجهد والعمل والعطاء للمحافظة على هذه الإنجازات وتفجير الطاقات، والانطلاق نحو تحقيق المزيد من الإنجازات الجديدة.
وعاماً بعد عام تمر الذكرى باليوم الوطني للمملكة، والدولة مستمرة في طريق التنمية الشاملة حتى أصبحت مظاهر النهضة ملموسة في كل المجالات بعد أن تسابقت هذه الدولة مع الزمن وتخطت الحواجز والصعاب وواجهت بشجاعة التحديات لتصل إلى ما أرادت تحقيقاً لأهدافها المرسومة من تقدم ورفعة، حيث شهدت المملكة في الآونة الأخيرة حزمة إجراءات إصلاحية لتحسين الوضع الاقتصادي، وذلك من خلال استقطاب استثمارات خارجية، وإدراج سوق تداول في الـMSCI ، إضافة إلى تنفيذ مشاريع كبيرة من قبل صندوق الاستثمارات العامة، وإنشاء الهيئة العامة للمنشآت المتوسطة والصغيرة، وإنشاء سوق نمو، إلى جانب تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وغيرها من البرامج والمشاريع التي اعتمدتها حكومة المملكة من أبرزها ترسيخ مفاهيم الشفافية ومحاربة الفساد.
إنَّ اليوم الوطني مناسبة غالية على قلوبنا جميعاً، مواطنين ومقيمين، فلكل منا دوره وأسلوبه في التعبير عن حب هذا الوطن والإسهام في تطوره، ونحن، في القطاع الخاص، نعتز بالدور الذي نؤديه للإسهام في تطور الاقتصاد السعودي، وعلينا أن نواصل العمل جميعاً، لتكون جهودنا رافداً حقيقياً لتطلعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية لما فيه خير وازدهار الوطن.
والقطاع الخاص في المملكة لديه إمكانات هائلة للقيام بالدور المأمول لتحقيق رؤية المملكة 2030 لأهدافها المرجوة والإسهام في تقدم المملكة اقتصادياً على مستوى العالم، وجعلها منطقة جذب لفرص استثمارية واقتصادية للشركات العالمية، خصوصاً إذا ما عرفنا إنَّ جزءاً ليس باليسير من القطاع الحكومي سينتقل تلقائياً إلى القطاع الخاص كنتاج طبيعي للتخصيص، ثم إنَّ تجاربه وخبراته في تنفيذ المشاريع الكبيرة جيدة وإن لم تكن كافية في هذه المرحلة.
السعودية هي أرض الفرص، وحالياً هناك الكثير من الفرص الاستثمارية المتوفرة في السوق السعودية لرجال الأعمال والشركات الكبيرة أو متوسطة الحجم، أو الشركات العالمية التي تسعى حكومة المملكة لجذبها ولعب دور رئيسي في تطوير الكثير من المشاريع الإستراتيجية، وخصوصاً أن الشركات متوسطة الحجم في أوروبا والبرازيل والهند والصين تواجه تحديات كبيرة بسبب الأسواق المشبعة وتراجع فرص النمو؛ الأمر الذي يعني أنها قد تستفيد من السوق السعودي الذي يتيح فرصًا كبيرة للنمو.
إن الاقتصاد السعودي اقتصاد حقيقي، حيث توجد فرص حقيقية وقوة شرائية ورأس مال بشري ذكي، وتبذل الحكومة قصارى جهدها لضمان نمو اقتصادي مستدام، وستصبح شركات كبرى ومؤثرة خلال العامين المقبلين تابعة للقطاع الخاص، كما أنَّ هناك فرصاً في العديد من القطاعات التي تديرها الحكومة حاليًا، وسيتم قريباً منح القطاع الخاص الخيارات المناسبة إما أن يعمل بشكل مستقل أو بالشراكة مع الحكومة.
في الختام، فإنَّ ذكرى اليوم الوطني تدعونا للتأمل في حجم المنجزات التي تعيشها المملكة، والمشاريع التنموية والاقتصادية الكبرى التي يتواصل تنفيذها دون أن تتأثر أو تتعثر، بفضل من الله ثم بفضل السياسات الحكيمة التي تتعامل بها القيادة الرشيدة، ونحن هنا نعيد التأكيد على أنَّ الإجراءات التي تتخذها الحكومة السعودية لترشيد الإنفاق وإعادة تنظيم وهيكلة نفسها ستؤدي إلى فوائد مستدامة لاقتصاد البلاد، وأن هناك ما يكفي من الفرص للجميع للمشاركة والاستفادة من تلك الخطوات على المدى الطويل؛ لذلك يجب أن ننتهز الفرص الهائلة بالتأقلم مع التغييرات الجديدة والتحرك مع الزمن وأن يكون الهدف إستراتيجياً مستداماً رغم ضغوطات وصعوبات التطبيق وكل عام ووطننا الغالي بخير وسلام وعزة.
** **
عبدالله حمد الفوزان - رئيس مجلس إدارة كي بي إم جي الشرق الأوسط وجنوب آسيا وكي بي إم جي في السعودية