ذكرى يومنا الوطني الثامنة والثمانون, واحتفالنا بانتهاء موسم حج 1439هـ.. هل ثَمَّة علاقة؟
تبدو الإجابة بالنفي, فهذا يومٌ وطني، وذاك الركن الخامس من أركان الإسلام! هكذا تبدو الصورة أن لا رابط بينهما.
لكنَّني سأقف في مقالتي هذه عِدَّة وقفات لأبرر من خلالها اختياري عنوان (يومنا الوطني.. ونجاح الحج)، ففي عام 1319هـ يوم إعلان الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن أل سعود - رحمه الله - استعادة الرياض, كانت قوافل الحجيج تعاني من المُتربِّصين بها سواء في الطريق إلى مكة المكرمة أو حتى عندما يصلون إلى أرض الحجاز, حيث النهب والسلب سمة عامة تصادفهم, بل وربَّما القتل, لذا كان الحاج عندما يؤدي فريضة الحج ويعود إلى أهله سالماً كأنَّه ولد من جديد.
لا شكَّ صورة مرعبة تلك التي كان يعاني منها حجاج بيت الله الحرام قبل فتح الملك عبد العزيز الحجاز.
ولكنَّ الصورة تغيّرت بعد بسط الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن سيطرته على منطقة الحجاز, فصار من يذهب لأداء فريضة الحج ينعم بالأمن والأمان, بل ورغد العيش, حيث كانت الأرزاق تُوزَّع على عموم الحجاج في وقت كان الفقر هو سيد الموقف في كثير من البلاد العربية والإسلامية, وهذه البلاد ليست استثناء, بل ربَّما تكون الأكثر فقراً من غيرها, ومع ذلك كان يوجد من الموسرين من يبحثون عن الأجر فيجدونه بين حجاج بيت الله الحرام.
بعد توحيد المملكة عام 1351هـ بدأت مرحلةٌ جديدةٌ من عناية الملك عبد العزيز بالحج وببيت الله الحرام, من حيث البناء والسقاية والصيانة, وتنظيم مواكب الحجاج, ومنع كل ما يخالف الدين من مظاهر شِرْكيَّة أو بِدَعيَّة, فتحول الحج إلى مؤتمر إسلامي كبير يتزاحم حوله كبار علماء الأمة من مشرقها إلى مغربها بحثاً عن العلم الصحيح من منبعه في مكة المكرمة, وكان الملك عبد العزيز يقف شخصياً على ذلك ويرعاه, من بعده جاء الملك سعود بن عبد العزيز الذي حظي الحرم المكي والمسجد النبوي في عهده برعاية خاصة، تمثَّلت في عدة إصلاحات وتوسعات كان لها الأثر البالغ في استيعاب أكبر عدد من المصلين والطائفين والساعين.
وتتابعت الإصلاحات والتوسعات في المسجد الحرام والمسجد النبوي وكافة المشاعر المقدسة حتى عهدنا هذا, عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -.
الحج الذي كان يعتبر مشقةً وخوفاً؛ تحول بفضل الله ثم بفضل هذه الدولة التي نتذكر اليوم يومها الثامن والثمانين، إلى رحلة من أجمل الرحلات وأكثرها راحةً وأمناً, بل إنَّ عدداً غير يسير من الحجاج عندما ينهون حجهم يحاولون بشتى الطرق البقاء أطول مدة ممكنة في الأراضي المقدسة, حتى ولو لم يكونوا يملكون مالاً! فلا حاجة للمال في مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث السباق على أشُدَّه في تقديم الطعام والشراب لكافة الحجاج والمعتمرين والزوار, في كافة بقاع هذه الأرض المباركة.
** **
إبراهيم بن سعد الماجد - مستشار سمو أمير القصيم