اليوم الوطني مناسبة سَما بها مجد المملكة العربية السعودية، وأشْرقتْ أنوارُها، إنه يومٌ فُتِحت إثرَه الخيرات على الوطن وأهله، يومٌ سطر فيه التاريخ عن جدارة ميلاد دولة عريقة الجذور، صلبة العماد، شامخة الكيان، دولةٌ أسسها وثبَّت أركانها المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، مع رجاله الأوفياء، فأضحت المملكة بعد برهة من الزمن مَثَلاً يُحْكى ويُحتَذى، وعمقاً إستراتيجياً إليه تهوي أفئدة المسلمين، ومحط أنظار العالم، وكل ذلك بفضلٍ من الله تعالى، ثم بما حباه الله تعالى من بصيرة نافذة، ونظرات صائبة ترنو إلى الأفق البعيد، وهِمَّة لا ترضى إلا بمعالي الأمور، فتألّقت المملكة العربية السعودية منذ ذلك الحين ثقافةً وحضارةً ومدنيةً، وما زالت كذلك عبر السنين وصولاً إلى هذا العهد الزاهر عهدِ الخير والوفاء عهدِ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي تأسَّى بنهج والده الملك المؤسس، واستلهم محاسن سيرة إخوته الملوك قَبْله تغمدهم الله بواسع رحمته، ثم اخْتَطَّ مسيرةً تطويرية وتنويرية تبلورت مقاصدُها في إرساء دعائم التنمية الوطنية الشاملة، وفق برنامجٍ متكامل طموح، يعزز الإيجابيات، ويستدرك الثغرات، ويستشرف المستقبل، وكل ذلك بخطى راسخة تتسم بالعزم والقوة والثبات.
وقد اعتمد خادم الحرمين الشريفين الرؤية السعودية 2030 وبرامجها التي ترتكز على أساسِ التجديدِ ودِقّة التنظيم للاقتصاد الوطني ولكافة مؤسسات الدولة، الأمر الذي من شأنه أن تصطبغ الدولة مع أصالتها بالحداثة والمعاصرة، مشفوعاً ذلك بالاستثمار الأمثل للقدرات الوطنية الشابة، وجعل الشفافية والنزاهة ثقافة عامة ومسلكاً عملياً.
ونظراً لجسامة المسؤولية والحاجة إلى شخصية فذّة قادرة على النهوض بتلك البرامج التطويرية؛ لذا أناطها بولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، فنُفِّذَتْ بحمد الله إنجازات قياسية جعلت مجموعة البنك الدولي تصنف المملكة العربية السعودية من بين أفضل 20 بلدًا إصلاحيًا في العالم، والثانية من بين أفضل البلدان ذات الدخل المرتفع ودول مجموعة العشرين من حيث تنفيذ إصلاحات تحسين مناخ الأعمال.
وكان من ثمار ذلك أن حظي التعليم ومؤسساته ومنسوبوه بالكثير من الاهتمام والعناية والرعاية وكذا المؤسسات والمراكز الثقافية والتاريخية، حيث اتخذت إجراءات بناءة تستكمل المشروعات الجامعية التنموية، وتراعي نوعية التعليم، وترتقي بأنظمة الجامعات، وتعزز كفاءة منسوبيها، وتيسِّرُ على الطلاب والطالبات المبتعثين، وتجعل الجودة الأكاديمية والإدارية لدى مؤسسات التعليم كافة واقعاً حقيقياً ملموساً.
وحاز الاقتصاد رعاية نوعية، أظهرت متانته، وأفصحت عن ثباته واستقراره الميزانياتُ السنوية المتعاقبة في هذا العهد الزاهر، من حيث دقة تنظيمها، ووضوح تطبيقاتها، وكفاءة إنفاق بنودها، وتنويع مصادر الدخل، وكل ذلك ضمن حزمة من الإنجازات التي تستهدف تحقيق التنمية والرفاهية والظروف المعيشية الميسرة لأبناء الوطن وبناته.
وعلى صعيد آخر ازداد بحمد الله ثِقَلُ المملكة السياسي، وتعززت مكانتها العالمية، إذ غدت محط اهتمام دولي، وملتقى لرؤساء العالم وقادته، كما سجلت حضورها المؤثر في دعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
وأما القضايا الخيرية والإنسانية والاجتماعية والصحية فتشكل مع كافة القضايا الآنفة لوحة تنموية حضارية من الإنجازات الوطنية المتميزة، التي تعكس حكمة القيادة، ووضوح الرؤية الحضارية، وقوة العزيمة، وفي الوقت ذاته تستهدف وطناً شامخاً، ومجتمعا نابضاً بالحيوية، واقتصاداً راسياً مزدهراً.
نسأل الله تعالى أن يديم عز بلادنا وأمنها واستقرارها، وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ويديمهما ذخراً للوطن والمواطنين.. والله الموفق.
** **
أ. د. عبدالعزيز بن عبدالله الحامد - مدير جامعة الأمير سطام