محمد سليمان العنقري
استطاعت المملكة عبر ما يقارب تسعة عقود مضت بعد توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله - أن تصل إلى مصافي أكبر الدول اقتصادياً، حيث باتت عضواً في مجموعة العشرين الدول الأكبر بالاقتصاد العالمي، ولم يكن الوصول لهذه المكانة طريقه مفروشًا بالورود، فقد واجهت المملكة تحديات تنموية كبيرة في ظل أحداث جيوسياسية في منطقتنا العربية غير مستقرة، إلا أن كل ذلك لم يثن عزيمة قادة المملكة وشعبها عن الوصول لأن يصبح الاقتصاد السعودي اليوم الأضخم عربيًا ومن بين الأكبر عالمياً.
فقد استثمرت الثروة النفطية على مدى الأعوام الثمانين الماضية منذ اكتشافه في مشاريع وخطط تنموية مستدامة وكان الاهتمام برأس المال البشري هو الأولوية، حيث تطورت الخدمات الصحية والتعليمية لتنعكس على المواطنين بمستوى صحي مرتفع، إذ كان متوسط الأعمار للمواطنين قبل حوالي 60 عامًا يقارب 48 سنة، ولكن بعد انتشار الخدمات الصحية والبرامج الوقائية وصل متوسط عمر المواطن السعودي إلى 74 عاماً كواحد من أعلى المعدلات في الشرق الأوسط ويقارب مستويات الدول المتقدمة، وكذلك الحال بالتعليم فاليوم تنتشر الجامعات والمعاهد بكل المناطق ومعها آلاف المدارس حيث يصل عدد الطلاب في كل المراجل لما يقارب 7.2 مليون طالب وطالبة، أي حوالي 30 % من المواطنين وتحتل المملكة المرتبة 39 في مؤشر التنمية البشرية الذي أطلق عام 1990 ويصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ويقيس التنمية في 188 دولة، وقد كانت المملكة في عام 2005 تحتل المرتبة 77 لكن رفع مستوى الخدمات الصحية وانتشار التعليم وغيرها من الخدمات التي انفقت عليها الدولة بسخاء أسهمت بارتقاء مركز المملكة بهذا المؤشر الدولي المهم في فترة قصيرة وقياسية
لكن التنمية في المملكة لم تقف عند حدود الإنجازات التي تحققت بالعقود الماضية إذ يتجدد شباب اقتصادها حالياً مع الانتقال لمرحلة الاقتصاد الحديث الذي يرتكز على العنصر البشري واستخدامات التقنية وتخفيض مساهمة النفط بالناتج المحلي عبر رؤية 2030م التي يدخل معها الاقتصاد الوطني مرحلة جديدة لمواجهة تحديات المستقبل في عالم تتسارع تطوراته الاقتصادية بسرعة كبيرة ويتحول للاقتصاد المعرفي والذكاء الاصطناعي مما يتطلب مواكبة هذا العصر الجديد، ولذلك فإن هذه الرؤية تمثل المرحلة الجديدة بالاقتصاد المحلي وعلاقته بالعالم والتي ستحقق بأهدافها ما يحتاجه الاقتصاد لرفع مستوى تنافسيته واستثمار إمكاناته الكبيرة بسواعد شباب الوطن.
اليوم الوطني هو ليس ذكرى لتوحيد الوطن فقط بل هو حاضر مبني على ماضي يفخر به كل مواطن وإشراقة لمستقبل أكثر طموحًا وإصرارًا للوصول لمصاف الدول المتقدمة بتوفيق من الله عز وجل.
ودام عزك يا وطن