إبراهيم عبدالله العمار
لو ذهبتَ الآن لمنطقة أوستفولد في النرويج سترى نهراً جميلاً محاطاً بالأشجار، وأنت تستمتع بهذه الطبيعة الساحرة ستقع عينك على شيء من صنع الحضارة: محطة طاقة كهرومائية.
إن النرويج تحصل على أكثر من 98% من طاقتها من محطات الطاقة المائية، وهي من الدول التي تحتاج الطاقة للدفء خاصة مع برودتها، لكن هناك أمكنة تحصل على دفئها من مصادر غريبة لا تخطر على البال، منها شيء غريب في أحد الأسواق الأمريكية.
إن السوق الذي يُسمّى مُجمَّع أمريكا التسوّقي - «مول أوف أميريكا»، والمفارقة أن المالك كندي!- سوق ضخم في ولاية منيسوتا الأمريكية، والمدينة التي تحويه باردة. لا شيء غريبا في هاتين المعلومتين، وإنما الغريب ما يلي: رغم البرودة الشديدة في هذه الولاية إلا أن هذا السوق لا يحتوي على نظام تدفئة! لماذا يا ترى؟ هل يتركون المتسوقين يتجمدون؟ في المدينة التي يتنمي إليها هذا السوق تنزل درجة الحرارة إلى ما دون الصفر في الكثير من الأيام، وحتى في أشد أيام الصيف فإن أعلى درجة حرارة لا تتعدى في العادة منتصف العشرينات المئوية، ومعظم السنة المدينة تعيش في برد قارس. كيف إذاً يحتفظ هذا السوق بدرجات حرارة مناسبة؟
ستعرف إذا جاوبتَ هذا السؤال: هل جلست ذات مرة في مكان صغير متكدس بالبشر مثل غرفة ضيقة أو حافلة ممتلئة؟ إذا كان هذا الموقف يحصل لك كثيراً فأحد الأشياء التي ستلاحظها هي الحرارة. هل خمّنت الآن كيف يُسخِّن هذا السوق أجواءه؟ نعم، بالناس! هذا السوق الكبير مساحته أكثر من 232 ألف متر مربع ويمتلئ بالمتسوقين، ومن كثرة الناس الآتين والذاهبين في هذا السوق والحرارة الطبيعية في الجسم البشري - إضافة إلى الحرارة الزائدة التي يُنتجها الجسم مع كثرة الحركة - فإن السوق لا يحتاج إلى نظام تدفئة رغم البرودة الشديدة في طقس تلك المدينة، فالأجساد البشرية التي تملأ السوق هي التي تُسخّنه، بل إن هذه الحرارة البشرية قوية لدرجة أن السوق يشغل مكيفات الهواء الباردة ليخفض كل هذه الحرارة!
والآن استمتع بمنظر نهر أوستفولد ومحطته.. خاصة وقد علمتَ الآن أنك مصنع طاقة حرارية مثل تلك المحطة.