خالد بن حمد المالك
حين يغيب أيٌّ منا في سفر عن الوطن، وتبعدنا المسافات عن ديارنا، ونفتقد أجواء اعتدنا عليها، نشعر إثر ذلك بالغربة القاسية كلما طال بنا السفر، وازدادت فترة غيابنا عن عشقنا في وطن نحبه ونغليه، بما يمكن القول والتأكيد على أنه لا بديل ولا خيار آخر لهذا الوطن.
* *
تذكَّروا من هُجِّروا من أوطانهم، أو فرطوا بديارهم، أو سُلبتْ حقوقهم في وطنهم، أو عاشوا في أمصار مجبرين عليها، تذكروا أن هؤلاء يعيشون حياتهم دون أن يمتلكوا وطناً، أو يستمتعوا بأرض، أو يشعروا بالاستقرار في حياتهم.
* *
ونحن في المملكة لا نتذكر الوطن في يوم واحد في السنة، وإنما هو قلادة في أعناقنا مع كل لحظة ودقيقة ويوم، وإذا جاءت الذكرى السنوية، فهذه فرصة لاسترجاع الذكريات، والحديث عن الإنجازات، والقول بما يستحقه الوطن من كلام لا يقال إلا لمن هو ملهم -كما هو وطننا- لأجمل الكلمات وأعذبها.
* *
المملكة هي هذا الوطن الجميل، هي هذا المصدر لأمننا واستقرارنا، هي الملك عبدالعزيز الذي وحَّد الأرض والقلوب وساوى بين المواطنين، وحمَّلهم مسؤولية المشاركة في البناء، وهي أرض المقدسات والإشعاعات الإيمانية، فلا وطن يماثلها، ولا مقدسات توجد في غيرها، ولا حياة جميلة كما هي هنا.
* *
نحتفل غداً بالذكرى الـ88 على مرور هذه المسيرة المظفرة، ونتصفح التاريخ البهي الذي يتحدث عنها، نقرأ عن الإنجازات التي تتوالى، وعن الطموحات التي ليس لها حدود، فهذا الوطن وهذا المواطن موعودان بكل ما يَسُرُّ الخاطر، ويحقق الآمال بوطن متحضر.
* *
جاء عبدالعزيز -رحمه الله- ومعه فكرٌ وتطلعٌ وهدف، وقاد أهم وحدة عربية شهدها العالم العربي، ولم يتوقف جهاده إلا بعد أن أنجز أهدافه، وحقق ما سعى إليه، فكانت هذه القارة بحدودها وسعة أرضها وتنوع مصادر دخلها، وقبل ذلك بوجود الحرمين ضمن حدودها؛ إنها المملكة العربية السعودية بوحدة أراضيها وناسها، بعد سنوات من الفرقة والتمزق والتناحر، لنجدها وقد انصهرت بمثل ما نراه الآن.
* *
جاء الأبناء بعد الوالد المؤسس الملك عبدالعزيز الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله- وقد ترك كل منهم بصمات من الإنجازات المبهرة، والأعمال العظيمة في التخطيط، والاستثمار في الإنسان، وتأمين الحدود، بما لا نجد ما يماثله في دولة أخرى، إذا ما قِيْسَ إنجاز ذلك في فترة زمنية قصيرة، وبمثل ما تحقق في المملكة في السنوات التي مضت ونحتفل بذكراها غداً.
* *
الآن وفي عهد الملك سلمان وعضده ولي العهد الأمير محمد، نحن أمام تحول تاريخي غير مسبوق، إنجازات نوعية وكبيرة، وانفتاح على العالم، ومواجهة التحديات الخارجية والداخلية بالعزم والقوة والتصميم، في مشاهد لا يملك الإنسان أمامها إلا أن يتحدث عنها، ويقول في قيادتنا من الثناء والتقدير ما تستحقه.
* *
كل ذكرى وطنية، وكل عام يمر من عمر هذه الدولة، مع كل حدث يرتبط بذكرى اليوم الوطني، يكون هناك كلام مستحق، واحتفاء لا يغيب، ونظرة طموحة نحو أفق المستقبل، وهو ما نراه في أجواء هذه الذكرى الجميلة التي تتكرر كل عام، وسوف تتواصل إن شاء الله عاماً بعد آخر.