د.عبدالعزيز الجار الله
اليوم الوطني ليس فقط لتنشيط ذاكرة الأمس، لكنها إلى جانب أجمل الذكريات في حياتنا ورحيق الزمن العطر الذي فرح به الأجداد والآباء وسلمونا صندوق الفرح كأمانة نسلمها للأجيال التي تأتي من بعدنا، هو مزيج من الذاكرة اليقظة والذكريات المعبأة بالحنين لإنسان هذه الأرض، فاليوم الوطني يعيدنا إلى جانب إلى شكر الله العلي القدير على نعمه علينا حين وهبنا هذا الوطن الآمن والمستقر، ثم ليعيدنا اليوم الوطني للقائد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله رحمة واسعة- الذي بعد توفيق الله وحد لنا أقاليم هذه الدولة في وطن واحد وشعب التقى من سلالات القبائل المتعددة والأسر ومن الحاضرة والبادية، ومن الريف، وسكّان الشواطئ، وأبناء الجبال الشاهقة، وبيئات القرى ومن توطن على طراف الرمل، وفِي جيوب الهضاب والحرات السوداء ونهايات الأودية.
الملك عبدالعزيز وحد بأمر الله بلاد مساحتها (2) مليوني كيلومتر مربع، لها شواطئ تبلغ 3800 كيلومتر طولها على البحر الأحمر 2600 كم، وطول شواطئ الخليج العربي 1200كم حين كانت وما زالت الشواطئ هي مطامع الدول للوصول إلى: (القارة) الهندية، وآسيا الوسطى، وشرقي إفريقيا، وبحر العرب، والمحيط الهندي، والشمال الإفريقي وأوروبا، ودول العراق والشام مع صحراء السماوة وبادية الشام، لذا كان قيام دولة بهذه المساحة هو تحدي قابله الملك عبدالعزيز بالإصرار والعزيمة فكانت أمامه صعوبات وتحديات ثلاثة:
التحدي الأول: أن تضم هذه الدولة تحت كيانها وسيطرتها أطهر بقاع العالم وأطهر المساجد وأطهر المدن هما: مكة المكرمة والمدينة المنور والمشاعر المقدسة، تضم المدينتين المقدستين في زمن قوة الامبراطورية العثمانية والنفوذ القوي للعراق ودول الشام ومصر.
التحدي الثاني: تحد جغرافي كبير أن تقيم دولة ناشئة ليس بنظام إمارة مدينة وواجهة بحرية وميناء على إحدى البحار بل تقيم دولة على مساحات مليونية تعد الآن الرقم (12) لدول العالم من حيث المساحة.
التحدي الثالث: أن يتم إنشاء دولة بهذا الحجم والأهمية الإسلامية حيث الصراع السياسي محتدم بين الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية البريطانية والدول الاستعمارية فرنسا وإيطاليا وألمانيا وروسيا وإسبانيا ودول استعمارية سابقة البرتغال وهولندا، والتحدي أن تولد دولة مستقلة فِي هذه الظروف السياسية الصعبة والتنافسية ويشاء الله أن تقوم وتعيش أبية ومستقلة تملك قرار نفسها، فبقيت وتفككت امبراطوريات الاستعمار.