م/ نداء بن عامر الجليدي
أستغرب نهاية كل نقاش أن ينهي أحد المتحاورين نقاشه بهذه الجملة (لا .. يعني لا)، ولكن أتفهم أن تطلق في الميدان التربوي بين والد وولده أو معلم وطالبه، وذلك بحكم الخبرة والتوجيه والخوف على النشء.. ولكن الذي لم أفهمه ولن أتفهمه ما حييت أن يقفل نقاش في مستقبل تخطيط المدن بالتفرد بالرأي الأوحد، وهي أن تعرض رأي أو فكرة في مجال التخطيط العمراني وتقابل بهرم هذه الجهة أو المسؤول عن تخطيط المدينة يقول لك (لا) دون نقاش أو توضيح لهذا التعند للرأي. وهذا السبب له دوافعه سأذكرها تباعاً، هو أصبح مثالاً لانعدام التخطيط في مدننا فغابت عنها النظرة المستقبلية عند تخطيطها وكذلك لاستدامتها، وقس عليها خدمات ومرافق المدن من مرافق تعليمية وصحية وترفيهية.. و و، كذلك خدمات وبنية تحتية من طرق ومواقف وكهرباء وماء وغيرها جميعها ينتظرها المصير نفسه للسبب نفسه من وجهة نظري. تخطيط المدن في العالم كله علم له قوانينه وقواعده، وله علماؤه، ومن يدير المدن هو فريق من المخططين العمرانيين يشاركهم سكان هذه المدن بالقرار باختلاف تخصصاتهم. وعندنا يستطيع أي شخص حاصل على بكالوريوس (وخصوصاً هندسة مدنية أو معمارية) أن يكون على هرم الجهات المسؤولة عن إدارة وتخطيط المدن ويصدر ويتفرد بالأحكام التي تخص تخطيط المدينة. حقيقة نحن معشر المخططين العمرانيين نعاني الأمرين في توصيل الرأي السديد لمن بيده قرار تطوير المدن بسبب هذه الفجوة، فنادراً تجد المسؤول عن الإدارة التخطيطية في إحدى الجهات الحكومية تخصصه الدقيق تخطيط عمراني (تخطيط مدن)، بل بالعكس أغلب هذه الجهات يكون المهندس المدني أو المعماري اللذان يمتازان فقط بجمال وجودة تنفيذ المباني، وتقصر نظرتهم عن مفاهيم وأساليب تخطيط المدن بشكل عام واحتياجات سكانها. وتوليه لهذا المنصب المهم هو فقط لقدم تعيينه بهذه الجهة بغض النظر عن الإمكانات والمعرفة والتخصص، لذا لا نستغرب أن نصطدم بكلمة (لا) عند توضيح الطرق السليمة لتخطيط المدينة. قد يرى البعض أن تخطيط المدن وإدارتها ليس بتلك الأهمية وخصوصاً في زحام المشكلات القاتلة، فقد تبدو هذه المشكلة غير ملحة، والحقيقية أنها بالغة الأهمية لأن اهتمامنا بها يعكس معنى مهمًا جداً هو: هل نهتم بمستقبل مدننا أم لا؟ هل نحن في فضاء عمراني جيد للعيش به نستطيع نحصل به على كفائيتنا من السكن والترفيه وجودة الحياة؟. هل نحن نهتم لبيئة أبنانا وأجيالنا القادمةالعمرانية.. أم هذا لا يشغلنا الآن ونتركه للظروف وما تحمله لنا الأيام في عالم الغيب؟. فعلينا بناء تخطيطنا العمراني لجودة حياتنا بوضع المخطط العمراني في مكانه السليم.. ودمتم بود