فيينا - النمسا:
اختتم أمس مجلس محافظي صندوق أوبك للتَّنمية الدَّولية (أوفيد) أعمال جلسته الاعتيادية الرابعة والستين بعد المائة، التي عقدت في مقر أوفيد بالعاصمة النّمساوية، فيينا، تزامناً مع افتتاح معرض الفن النيجيري «مشاهد السلام»، الذي يستضيفه أوفيد بالتعاون مع جمهورية نيجيريا الاتحادية، البلد العضو، في إطار أنشطته المعنية بتسليط الضوء على الحوار بين الثقافات.
وقد تم خلال الجلسة اعتماد تمويلات إنمائية ميسرة جديدة تقدَّر بما يزيد عن 270 مليون دولار أمريكي لتعزيز التنمية المستدامة بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في أكثر من 20 بلداً نامياً في إفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية والكاريبي.
وفي هذا الصدد، أوضح مدير عام أوفيد، سليمان جاسر الحربش، أن التَّمويلات الجديدة تأتي تلبية لاحتياجات البلدان الشريكة، مشيراً إلى أنه قد تم تخصيص أكثر من نصفها، وقدره 154 مليون دولار أمريكي، لدعم خمسة مشروعات حيوية للقطاع العام، الذي يعد الركيزة الأساسية لعمليات أوفيد.
وقال إن هذه المشروعات تهدف إلى استفادة ما يزيد عن أربعة ملايين نسمة من خلال تحسين قطاع النقل والطاقة والإمداد بالمياه والصرف الصحي ومصايد الأسماك في كل من البوسنة والهرسك وبوركينا فاسو ومالاوي وموزامبيق وسيريلانكا.
وأضاف أن المشروعات الجديدة تأتي ضمن إستراتيجيات أوفيد التي تركز على توفير المياه والطاقة والغذاء كنهج إنمائي شامل ومتكامل الترابط يحظى بأولوية في الأجندة العالمية العاجلة للتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، سلط الحربش الضوء على هذه الإستراتيجيات التي تم تطويرها استجابة لواقع إنمائي جديد ينضبط عبر منهج علمي شامل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة واسعة النطاق والتي تشمل النمو الاقتصادي والاجتماعي وحماية البيئة، الأمر الذي من شأنه أن يلبي تطلعات جميع الشعوب إلى عالم خال من الفقر.
وفي سياق متصل، أكد على أن أوفيد يولى أهمية كبيرة لدعم قطاع النقل استجابة لأولويات البلدان الشريكة لتحسين هذا القطاع إذ يُعد أحد مقومات العصر الحديث اللازمة لدعم الأنشطة التجارية والزراعية والصناعية التي تعزِّز مسيرة التنمية المستدامة في البلدان النامية، كما أنه يلعب دوراً مهماً في دفع عجلة الاقتصاد وتقديم الخدمات اللازمة لكافة قطاعات الإنتاج فضلاً عن الخدمات الاجتماعية والثقافية.
وأضاف الحربش، أنه قد تم اعتماد سبع منح بقيمة إجمالية قدرها 4.5 مليون دولار أمريكي لدعم برامج ومبادرات عدد من المنظمات الدولية غير الربحية لمساعدة مئات الآلاف من الناس، وهي: المنظمة العربية للتنمية الزراعية لتعزيز برنامج الأمن الغذائي وتحسين الدخل لدى الأسر الفقيرة في المناطق الريفية في دارفور؛ والمنظمة الألمانية للقضاء على الجوع، لدعم مبادرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المعنية بالحصول على الطاقة في المناطق الريفية في أفغانستان؛ ومعهد التعاون للمشروعات الإنمائية لدعم مراكز التدريب المهني في كينيا وأوغندا؛ والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لدعم مبادرة صمود المجتمعات المضيفة للاجئين في بنجلاديش وتحسين الظروف المعيشية للسكان المحليين واللاجئين فضلاً عن تمويل برنامج توسيع نطاق الوصول إلى خدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية المستدامة في غانا وملاوي ورواندا؛ ومنظمة النور للعالم، لدعم مبادرة طبية تساعد على الحد من انتقال التراخوما وغيره من الأمراض المعدية جراء سوء الصرف الصحي والنظافة في إثيوبيا؛ ومنظمة الخطة الدولية لتوفير الطاقة الحديثة في المناطق الريفية في مالي والنيجر والسنغال.
وفي إطار مرفق القطاع الخاص، الذي يمثِّل وسيلة فاعلة لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم ودفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد، ذكر الحربش أنه قد تم اعتماد تمويلات قدرها 42 مليون دولار أمريكي لدعم عمليتين تستهدف أولاهما تعزيز قطاع الطاقة في بنجلاديش، بينما تهدف الثانية إلى دعم مؤسسة مالية في كامبوديا لتوسيع أنشطتها الإقراضية إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم.
أما بالنسبة لمرفق أوفيد لعمليات تمويل التجارة، وهو نافذة أوفيد المعنية بتيسير أنشطة الاستيراد والتصدير، فقد أشار الحربش إلى اعتماد المجلس لتمويلات قدرها 70 مليون دولار أمريكي للمساعدة في تعزيز صناعة إنتاج الملابس في الأردن ودعم أنشطة التبادل التجاري الدولية في كل من بنجلاديش وجورجيا. وختاماً، أكد المدير العام على مواصلة أوفيد جهوده لتنفيذ مهمته في القضاء على الجوع والفقر بكافة أشكاله، معرباً عن استعداده لتعبئة كافة الوسائل المتاحة لدعم القطاعات الحيوية في جميع أنحاء العالم النامي. وقال «تمويلاتنا تبرهن على التزامنا بجدول أعمال الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ضمن الإطار الزمني المحدد الذي ينتهي عام 2030، وأنشطتنا تسلط الضوء على ثقافات البلدان الأعضاء والشريكة من أجل تعزيز الحوار بين الثقافات من خلال الفنون الإبداعية وترسيخ التفاهم والعالمي الضروري لإحلال السلام اللازم لتحقيق تنمية مستدامة عادلة.» وتجدر الإشارة إلى أن أوفيد قد قدم منذ إنشائه في عام 1976 وحتى الآن ما يناهز 23 بليون دولار أمريكي على شكل تمويلات ميسرة ومنح لدعم المشروعات والبرامج الإنمائية المستدامة في 134 بلداً من البلدان النامية في كافة أرجاء العالم، مولياً أولوية قصوى لأشد البلدان فقراً.
ونظراً لأن هذه آخر جلسة يحضرها الحربش بصفته المدير العام لأوفيد خلال السنوات الخمس عشرة الماضية فقد تعاقب المحافظون في تقديم الشكر له على ما قدّم من خدمات للدول الأعضاء والدول المستفيدة وعلى جهوده في وضع أوفيد على خارطة التنمية الدولية وخاصة إبراز قضية فقر الطاقة كقضية محورية قبل أن تتبناها الأمم المتحدة. وقرَّر المجلس تكريم الحربش في حفل يتزامن مع اجتماعه القادم في شهر ديسمبر علاوة على ما قرَّره المجلس الوزاري نحو تكريم الحربش في جلسته القادمة في 2019 .