سعد بن عبدالقادر القويعي
في دراسة حديثة صدرت عن مركز الملك فيصل للبحوث، والدراسات الإسلامية، وقدمتها منى العلمي - الباحث المشارك في مركز الملك فيصل للبحوث، والدراسات الإسلامية -، بعنوان: « أي مستقبل لمجموعات الحشد الشعبي في العراق؟ «، اعتبرت أن تشكيل وحدات الحشد الشعبي العراقي المدعومة من إيران ضمن حزب سياسي موحد، - لا سيما - بعد فوز عدد من قادتها في الانتخابات العراقية التي أجريت هذا العام، سيمثل تهديدا للدولة العراقية، وذلك على خلفية الصراع بين قادة الحشد. كما أنه يعد تحديا لإيران؛ بسبب الديناميكيات، والمتغيرات العراقية المحلية، والاستقلالية المالية، والأيديولوجية، والبراغماتية الجديدة، والتي تبرز من خلال الشخصيات العراقية المؤثرة، والمنافسة داخل المجموعات المسلحة - ذاتها -، والموالية لإيران.
المهم في هذه الدراسة، والتي أوضحت بأن وحدات الحشد الشعبي العراقي، أكملت - مؤخرا - عملية تحولها من ائتلاف فضفاض، مكون من مجموعات مقاتلة، ومتشددة، إلى عنصر دولة شبه فاعل، ومتحصنة بمؤسسات الدولة العراقية؛ بفضل الانتصار الكبير لعدد من قادتها في الانتخابات العراقية - الأخيرة -، تحت شعار حركة ائتلاف فتح؛ حيث حصلت على «47» مقعدا - خلال الانتخابات البرلمانية العراقية- 2018، مما يتيح لها إضفاء الطابع المؤسسي على نفسها - عسكريا وسياسيا -، - أيضا - مع دخول عدد من قادتها على الساحة السياسية، - خصوصا - بعد أن ظهرت وحدات الحشد الشعبي في العراق عام 2014، عندما تكتل عدد من المجموعات المسلحة، تحت راية الحشد الشعبي؛ بناء على طلب - رئيس الوزراء - نوري المالكي، وبعد دعوة آية الله علي السيستاني، أكبر شخصية دينية شيعية في العراق؛ لمحاربة الإرهاب المتصاعد من تنظيم داعش، فيما كان ظهور هذا العنصر المسلح الجديد غير الرسمي في البلاد؛ بمثابة صراع طائفي عنيف غير مسبوق تاريخيا في العراق؛ حيث مراكز القوى فيه ضعيفة، وبشكل تقليدي.
في تقديري، أن إقرار مجلس النواب العراقي قانون «هيئة الحشد الشعبي»؛ باعتباره تشكيلا عسكريا مستقلا، وجزءا من القوات المسلحة العراقية، ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، - وبالتالي - العمل على اندماجه ضمن نسيج الدولة العراقية، وتغلغله في مؤسساته، واختلاط نفوذ كبار قادتها بسلطات حكومة بغداد، يعتبر انتهاكا خطيرا لمبادئ حقوق الإنسان، - خصوصا - بعد أن نفذت المليشيات الشيعية الإرهابية عمليات انتقام، ذات طبيعة مذهبية بحق السكان السنة، من الذين لم ينخرطوا في الأعمال العدائية، كما تقول - المستشارة في منظمة العفو الدولية - «دوناتيلا روفيرا»، والذي يعتبر انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية؛ إذ لا يمكن تجاهل تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، والتي اتهمت ميليشيات الحشد الشعبي بارتكاب انتهاكات بشعة، وآخرها تقرير منظمة «العفو» الدولية. في إطار الإستراتيجية المعلنة للحرب على الإرهاب، فإن الإيذان ببدء مسار محاصرة تلك الميليشيات الإرهابية، وتحجيمها على غرار حزب الله اللبناني الإرهابي، والعمل على محاصرته عبر تجريمه، وإدراجه على لوائح الإرهاب الدولي، وفرض عقوبات مالية عليها، وعلى المتعاونين معها؛ من أجل تعزيز مسار العراق - السيادي والاستقلالي -، والحيلولة دون لعب الفصائل المنتمية إليه أي دور سياسي هام في المرحلة المقبلة.