ياسر صالح البهيجان
تعتاد المجتمعات على طرق محددة ومتعارف عليها عند أبنائها لأخذ الحقوق المشروعة والمكفولة نظامًا، بعضهم يأخذها بالمسارات النظامية والقنوات الرسمية بهدوء ودون ضجيج، وبعضهم بطرق ملتوية ووساطات وعلاقات تتراوح ما بين فوق الطاولة وتحتها، وآخرون ينتهجون طريق الصوت الأعلى إيماناً منهم بأنه أسلوب يأتي بالحقوق لأن ذلك النوع من الصوت لا يمكن تجاهله.
والحق أن تحضر المجتمعات أصبح يقاس بالكيفية التي يؤمن بها أفراده للوصول إلى حقوقهم، لذا لن تجد مجتمعاً متحضراً يسأل فيه الناس.. «تعرف أحدًا في الجهة الفلانية؟»، لأن الجميع سيحصل على الخدمة بذات الجودة والكفاءة والوقت سواء هذا الذي يعرف أحداً أو ذاك الذي لا يعرف إلا نفسه.
البعض يعتقد بأن القضاء على الطرق الملتوية والوساطات من أجل إنجاز المعاملات واكتساب الحقوق النظامية أمراً مستحيلاً لأنه بات جزءاً من ثقافة المجتمع، لكن الحقيقة في نظري غير ذلك، إذ إن التخلص من هذه السلوكيات غير الحضارية ليس عسيرة شريطة الارتقاء بجودة الخدمات وتسهيل إجراءاتها وتخليصها من الاشتراطات البيروقراطية والاتجاه نحو أتمتتها وجعل إمكانية إنجازها عن بعد شيئاً في متناول الجميع.
لن اضطر للبحث عمن يخرج معاملتي من الأدراج المقفلة إن لم توضع أساسًا داخلها، لن أضطر للبحث عن مسؤول يعجل سير معاملتي إن كانت تتحرك بسلاسة ومرونة دون تدخل من أحد، لن أضطر لتجاوز الطابور الطويل إن لم يكن هناك طوابير بشرية وإنما بوابة إلكترونية قادرة على استقبالي أنا والآلاف من أمثالي في دقيقة واحدة.
والوساطات وتجاوز الآخرين والفوضى التنظيمية ليس خياراً لأفراد المجتمع بل ضرورة عندما تتعرقل المصالح، وحلها يكون في إنهاء التعاملات الورقية والاتجاه نحو البوابات الإلكترونية الخاضعة لرقابة أداء الموظفين ومحاسبتهم على تأخر أي معاملة، وتحفيزهم عند إنجاز مهامهم في الوقت المحدد، ولنا في بوابة أبشر خير شاهد على حلحلة الوضع القائم وتحسين مستوى الخدمات الحكومية في مختلف القطاعات، ولا يزال أمامنا شوط طويل من أجل أن نجعل عبارة «تعرف أحداً في الجهة الفلانية؟» جزءاً من الماضي.