د.مساعد بن عبدالله النوح
اليوم الوطني، هو مناسبة مميزة في سلسلة المناسبات السارة للمجتمع السعودي، والتي تذكرنا بإعلان المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه في 21 جمادى الأولى 1351 الموافق 23 سبتمبر 1932 والذي يصادف الأول من الميزان كل عام بتسمية الدولة السعودية الثالثة بالمملكة العربية السعودية، حيث إنها نتيجة كفاح ثلاثين عاماً من وقت المؤسس ورجالاته وعمرهم وصحتهم في توحيد أجزائها.
والذكرى الثامنة والثمانون، هي العمر الفعلي للمملكة العربية السعودية، والتي شهدت خلال السنوات الماضية قفزات تنموية في مختلف مجالات خطط التنمية حتى أضحت الدولة رقماً صعباً في منظومة دول العالم، وعليه من اللازم بمكان توجيه وصايا تربوية لكل مواطن ومواطنه داخل الوطن وخارجه، وهي:
- الوصية الأولى، ليتذكر كل مواطن أن حب الوطن ليس بدعة « بل القرآن قرن حب الوطن مع الدين، فالبر والعدل مأمور بهما لمن لم يقاتل المسلم على دينه ولم يخرجه من وطنه، بقول الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } (الممتحنة: 8). فهذا الجمع بين الدين وحب الوطن دليل على تقارب مكانة كل منهما في الإسلام وفي النفوس».
- الوصية الثانية، علينا أن نتذكر بأن الإنسان بلا وطن، هو بلا هوية، بلا ماضٍ وحاضر ومستقبل، فهو غير موجود فعليًا في المقاييس السياسية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، وعليه يجب علينا نحن السعوديون والسعوديات مهما اختلفنا في الأعمار والمؤهلات والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية أن نرفع أيادينا لله حامدينه على هذا الوطن الكبير ليس في مساحته واتساع حدوده وإنما في سمعته وخيراته التي لم تتوقف عند من هو بداخله وإنما استفاد منها الأباعد في طول الأرض وعرضها.
- الوصية الثالثة، يجب علينا أن نتذكر في اليوم الوطني بأن الوطن، هو «ملجأ القلب والروح، والملاذ الآمن الذي يضمّ أبناءه، ويصون كرامتهم، وعزتهم، ويمنعهم من ذل التشرّد والحاجة؛ فالوطن أكبر من مجرد المساكن والبيوت والشوارع، بل هو الأهل والجيران والخلان، وهو المكان الذي تسكن إليه النفس، وترتاح وتهدأ، وهو أولى الأماكن بالحب والحنين، فحب الوطن بالفطرة، وليس تصنّعاً ولا تمثيلاً» فيجب الحرص عليه من كل مندس يتكلم بلغتنا، ويعيش بيننا، فضلاً عن الأباعد الذين يتسمون بأسمائنا ويضعون رموزا وطنية أسماء لهم في منصات التواصل الاجتماعي.
- الوصية الرابعة، يحب علينا أن نتذكر تضحيات مؤسس الدولة الملك عبد العزيز آل سعود ورجاله في فتوحاته، ومن جاء بعدهم من أبنائه وأحفاده ورجالاتهم رحم الله من توفى، وحفظ الله من هو على قيد الحياة الذين لم يبخلوا على الأجيال الحالية والمستقبلية صحتهم وأموالهم وأوقاتهم؛ ليستمتعوا بالأيام الوطنية المتعاقبة
- الوصية الخامسة، تحيط ببلادنا مجتمعات تعاني من الحروب والثورات، وبالتالي انفلات الأمن والاستقرار والحياة الكريمة، بينما بلادنا واحة أمن يعمل بها المواطن والمقيم دون خوف، يُصبحون على يوم جميل ويستقبلون مساء بلقاء عائلي أو مع صحبة للمتعة.
- الوصية السادسة، على الشباب من الجنسين أن يضبطوا من انفعالاتهم، فليس التهور في سياقة السيارات أو تغيير ألوانها أو تلوين ملابسهم من مظاهر الفرح باليوم الوطني بقدر ما توصف بمظاهر التهور والجنون، ولا يوجد من الشباب من يرضى بنعته بالجنون والتهور.
- الوصية السابعة، للآباء والأمهات بأن يذكروا أبناءهم بأن الفرحة باليوم الوطني لا تعني ارتكاب الأقوال والأعمال التي تضر من سمعة شباب بلادهم، فكم من متنكر من الرجال والإناث، يرتكبون الأخطاء، وينسبونها إليهم؛ لتشويه السمعة، والطعن في حسن التربية، وقلة الإحساس بأهمية النعمة التي بين أياديهم.
- الوصية الثامنة، يجب على الشباب بأن يتذكروا بأن النعم زوالة، وأنها تتطلب الحمد والشكر على توافرها، واستمرارها، فكم من مجتمعات آمنة مستقرة، لكنها تشكو من نقص في ثرواتها وخيراتها الغذائية والصحية والاقتصادية والتعليمية، فيلجأ معظم أبنائها إلى السفر والتنقل بين الدول؛ طلباً للرزق، أو العلم، أو العلاج أو نحو ذلك.
- الوصية التاسعة، من واجب المربين في المدارس والجامعات وما في حكمها وفي وسائل الإعلام ومنابر المساجد يوم الجمع، أن يذكروا الأجيال بأن اليوم الوطني مناسبة سارة تتكرر علينا كل عام ونحن في خير، ولكي يستمر هذا الخير عليهم بالانضباط في كل شؤونهم، لأنهم جزء لا يتجزأ من الوطن، وأنهم عماده، ورأس ماله الحقيقي، والقائمون على نموه وتطوره، والدفاع عنه، فالأوطان المحظوظة، تلك التي يحرص أبناؤها على تنمية جميع الميادين فيها، من صناعة، وتجارة، وتعليم، وصحة، وسياسة، واقتصاد؛ لأنّ رفعة الوطن تعني رفعتهم.
- الوصية العاشرة، تذكر أن الشعر قد سطر أجمل القصائد في ذكر الوطن، حيث تحلو الأغنيات والأوبريتات، وله تتزين الكلمات؛ «فالفخر بالوطن يزيد الإنسان رفعةً، ويرفع شأنه؛ لأنّ الانتماء والولاء يعني الوفاء والإخلاص، ومن لا يخلص لوطنه، فلن يخلص لأي شيء، ومن لم يكن خيره لوطنه فلا خير فيه لغير وطنه، فطوبى لكل مخلصٍ، وطوبى لكل العيون الساهرة داخل الوطن وعلى الحدود؛ لتحرسه»، وطوبى لكل من يحترم تعليمات الجهات المشرفة على فعاليات مناسبات الوطن.
- الوصية الحادية عشرة، في اليوم الوطني، يجب أن يتذكر مواطنوه والمقيمون على أرضه بأن للوطن حقوقا، له علينا أن نحفظ تاريخه وأمجاده وخبراته، ومقدراته، ومعطيات خطط تنميته، وأن نحترم ثقافته، ونجعلها لنا ميزة تميزنا عن غيرنا، يجب علينا أن لا نبخل عليه بالوقت والجهد والمال لازدهاره وتقدمه على الأوطان فهو بمثابة الأم والأب والابن وكل شيء جميل في حياتنا.
دمت يا وطني فخراً لنا ووجهة للمسلمين.