د. فهد صالح عبدالله السلطان
نعم، مظاهر التخلّف تمثّل تحدياً ومشكلة لكثير من المجتمعات المتقدِّمة والناشئة.. ولكنها تظل في الدائرة الضيقة والمقبولة عندما يكون المجتمع أو الفرد مدركاً لحقيقية مظاهر التخلف عنده ويعمل على معالجتها.. وتتحول المشكلة إلى مصيبة عندما يكون في المجتمع مظاهر تخلف وهو لا يدرك ذلك وبالتالي لا يعمل على تصحيحها. ولكن ماذا لو وصلت الحال في مجتمع ما بأن يفتخر ويتباهى بمظاهر التخلف!!! هنا تكون الكارثة الحقيقية. معظم المجتمعات النامية تفتخر ببعض مظاهر التخلف لديها.. ففي بعض دول إفريقيا السوداء يفتخر الرجال - على سبيل المثال- بضخامة المعدة (الكرش) ويتباهون بذلك وكأنه دلالة على الغنى والثراء على الرغم من أنه مظهر تخلف لا حضارة.. أما في مجتمعنا الخليجي فإننا نفتخر كأفراد وكمجتمع بعدة مظاهر من مظاهر التخلف فالبعض منا يتباهى في الإسراف في موائد الطعام وفي الملبس والمركب والمسكن بما يفوق الحاجة الفعلية مع العلم بأنه لم يطبخ ولم يخط ولم يصنع ولم يبن، ويتباهى البعض منا بالحديث بلغة غير لغتنا الأم كاللغة الإنجليزية وهو دلالة تخلف لا مؤشر حضارة، ونتباهى بالانتصار للذات وللنفس، ويتباهى بعض أثريائنا بشراء السلع الثمينة وكأن البذخ مفخرة وتتباهى بعض سيداتنا باقتناء الماركات العالمية لا لسبب إلا لأنها غالية الثمن. والأمثلة على ذلك كثيرة.
أن نقع في بعض الأخطاء أو أن يكون لدينا بعض مظاهر التخلف ونعلم ذلك ونعترف به ونتألم من حدوثه فهذا شيء مقبول ويساعد على معالجته.. ولكن أن نفتخر بمظاهر التخلف ونتباهى بها فهو أمر مؤسف ويكرس التخلف ويؤصله.
اعتقد أنه حان الوقت أن نقف مع بعض أخطائنا وبعض المظاهر السلبية التي تتعارض مع شريعتنا وتعاليم ديننا الحنيف وأن يكون لدينا لغة مشتركة في نقدها نقداً هادفاً يساعد على التخلّص منها وزوالها.. إلى متى ونحن نجل ونكبر من يسرف في مائدة الضيوف بما يفوق حاجة المخلوق ويسخط الخالق؟ إلى متى تقتني بعض سيداتنا الماركات العالمية الثمينة لمجرد أنها غالية الثمن ومصدر للتباهي والمفاخرة؟ إلى متى يتشبث البعض منا في الحديث بلغة أجنبية ظناً منه أن ذلك مؤشر على علمه وثقافته؟
وإن كان لا بد من التفاخر فلنتباه بقيمنا العظيمة المتمثلة في الاستقامة والصدق والأمانة وإكرام الضيف (دون تبذير) واحترام المسن ونصرة الضعيف... إلخ.
اللهم اهدنا سبيل الرشاد،،،