فضل بن سعد البوعينين
ثمانية وثمانون عاماً من البناء والنماء أرسى قواعدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله- بعد أن أعانه الله على توحيد المملكة وتأسيس كيان الدولة واستكمال مؤسساتها؛ وحمايتها من القوى الدولية والمخاطر السياسية والتنازعات المجتمعية. ملحمة كفاح وجهاد وبناء حضر فيها الإخلاص العقدي، والرؤية السياسية، العسكرية، الإدارية، التنموية، والمجتمعية؛ التي سبقت عصرها فاستشرفت المستقبل الزاخر بالخيرات والنماء والعطاء.
لم تنعكس ملحمة توحيد المملكة، على مواطنيها فحسب، بل ارتبطت أيضاً بالشعوب العربية والإسلامية والمنطقة بشكل عام. فإرساء قواعد الأمن في حاضنة الحرمين الشريفين، واهتمام الملك المؤسس؛ وأبنائه من بعده؛ بعمارتهما، وتجهيزهما للحجاج والمعتمرين، وإزالة كل ما خالف شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ ساعد على تمكين المسلمين من فريضة الحج محاطين بأمن الدولة وحمايتها ومستفيدين من خدماتها؛ كما أن أمن واستقرار المملكة أسهم في حفظ أمن واستقرار دول المنطقة وإشاعة السلام بينها. أما الخير الذي أنعم الله به على هذه البلاد المباركة فقد استثمره قادتها في تحقيق التنمية المحلية وتعزيز البناء والنماء، ودعم الدول العربية والإسلامية الشقيقة والدول المحتاجة؛ حتى أضحت المملكة في مقدم الدول المانحة عالمياً، وأصبحت كالشجرة الوارفة الظل، كثيرة الثمر، تظلل أرض جذورها، وأراضي الآخرين.
لليوم الوطني أهمية كبيرة لتعزيز القيم الوطنية وتلمس النعم التي أنعم الله بها على هذه البلاد وشعبها، وتذكير النشء والشباب بما قدّمه قادة هذه البلاد وتضحياتهم وما كان عليه الآباء والأجداد، ومقارنتها بالقفزات التنموية الكبيرة المحققة في فترة زمنية قصيرة.
سمو أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز؛ خصص مجلسه الأسبوعي «الاثنينية» لمجلس التنمية السياحية بالمنطقة واللجان المنظمة والداعمين والمشاركين في فعاليات الاحتفاء بذكرى اليوم الوطني؛ والاستماع منهم حول البرامج والأنشطة الاحتفائية التي ستقدّم في محافظات المنطقة الشرقية. وشدّد على أهمية هذه الذكرى العزيزة على قلب كل مواطن ومواطنة، وعدد العبر الواجب استنباطها من ملحمة التوحيد، وفي مقدمتها الدافع لتوحيد المملكة وهو «إعلاء كلمة الله وإحقاق الحق وإرساء قواعد الأمن والأمان والأخوة والإخاء بين جميع مواطني هذه الجزيرة المترامية الأطراف».
أحسب أننا أكثر حاجة لتحقيق تلك الفلسفة وضمان استدامتها، في مثل هذه الأيام التي أصبحت فيها المملكة هدفاً لأعداء الأمة. لذا يجب علينا جميعاً أن نعمل يداً واحدة من أجل نهضة الوطن ورفعته، وحمايته من الأخطار الداخلية والخارجية، وأن نكون صفاً واحداً في مواجهتها، وسواعد متكاتفة في خطط البناء والتطوير، وتحقيق متطلبات الولاء، ومحاربة الفساد، وأداء الأمانة، والعمل بجد لتحقيق أهداف التنمية. فما نراه من خير وبركة ونمو اقتصادي جاء بفضل الله أولاً؛ ثم بتوفر الأمن والاستقرار. 88 عاماً من النماء والبناء، شكلت فيما بينها مراحل مهمة من عمر الوطن، غير أنها مراحل تاريخية تحتاج دائماً إلى الرؤى المستقبلية الداعمة لها؛ والمعزِّزة لكيان الدولة وأمنها واقتصادها، ومستقبلها الزاهر بإذن الله؛ وهو ما يسعى لتحقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.