رمضان جريدي العنزي
الحنظل نبات عشبي حولي زاحف من العائلة القرعية، احادي المسكن يفترش الأرض وتمتد سيقانه بطول مترين، وأوراقه خشنة يخرج من تحتها خيوط تلتف على النباتات والأوراق القريبة منه، تشبه ثمرته البطيخ في شكلها ولونها، ينمو نبات الحنظل في المناطق الصحراوية الرملية على حواف المسيلات المائية وكذلك ينمو برياً على السواحل البحرية، خضرته اللامعة وسط ألوان الطبيعة الجرداء لم تغفر له شدة مرارته التي اشتهر بها بأسماء مختلفة حتى قيل عنه: الحنظل، والشري، والعلقم، والحدج، والهبيد، والقرع، واليقطين البري، والتفاح المر، وأسماء أخرى تعبر عن مرارته القاسية، قال عنه امرؤ القيس:
كأني غداة البين يوم تحملوا
لدى سمرات الحي ناقف حنظل
وقال أبو مطراب العنبري أثناء هروبه إلى البادية وعيشه مع الظباء بعد ما أصابه الجوع والبرد:
ألا ياظباء الرمل أحسنَّ صحبتي
واخفينني إن كان يخفى مكانيا
أكلت عروق الشري معكن والتوى
بحلقي شوك الفقر حتى ورانيا
وقال الشاعر النبطي المعروف عبدالله اللويحان:
الحنظلة لوهي على شاطي النيل
زادت مرارتها القديمة مرارة
والحنظل نبات سام جداً، له آثار جانبية، كالأسهال والقي وضيق التنفس والتهاب الأمعاء، وقد يسبب الوفاة، هناك من يشبهون الحنظل سمية، ومرارة، وآثارا جانبية ونتانة، اجتمعت فيهم خصال الخسة والدناءة، يرون في الإيذاء لذة، ويهوون لغو الحديث، يستعذبون ملوحة البحر، ويستحلون مرارة الحنظل، لهم سموم كثيرة، ولهم قدرة عجيبة في نبش المقابر، هم مثل طائر الخفاش ليس له وكر، ومتجرد من الزغب والريش، وكالنسر حول الجيف، وكالضرس حين الوجع، في كلامهم دناءة، وفي أحاديثهم عور، يرفعون ناس، ويخفضون آخرين، سلاحهم الهمز والخمش والخدش واللمز، ويصدعون بالخبث والخبائث، وفي كلامهم زلق ومزالق، يصنفون الناس وفق عنصرية بغيضة، كما يريدون ويبتغون ويشتهون، ويسبحون في أعراضهم بحرفية تامة، هم مثل عثة تنخر بالخشب، دواب لها نفخ ولهاث وصفير وتوثب، لهم مهالك ومعاطب، وفجوج ضيقة، فيهم من الذباب صفات، ومن الجنادب علامة، ومن الأرانب توجس، لا يمشون على الأرض إلا على بطن القدم خوفاً وتخفياً وريبة، وحتى لا يرى لهم أثر، حكاؤون بنهم، ومزيفو كلام بشغف، ومزورو بيان، هم مثل حرباء إذا رمضت الأرض ارتفعت برأسها، وقلبت وجهها مع الشمس حيث دارت حتى تغرب، وإذا رأت ما تخاف منه انسلت لجحرها ونامت، هم مثل ظربان سلاحه فساؤ،ه ليس عنده سواه، قبيح ومنتن جداً، يدخل بجحر الضب فيفسو عليه فينتن عليه جحره، حتى يذلق الضب من جحره فيصيده، هم مثل ديكه سلاحها في صيصيتها، ومثل ثيران سلاحها قرونها، ومثل تماسيح سلاحها ذيولها، ومثل قنافذ سلاحها شوكها، ومثل الذباب والبعوض والقمل سلاحها في خراطيمها، هؤلاء الحنظليون لهم أسلحتهم الرديئة الخاصة في الكلام وفي الخطاب وفي التنظير، يجنحون نحو المرارة حد العلقم، وعندهم الكذب والزيف والتزوير علامة، ويجيدون الطعن والبتر ورمي السهام السامة، يضربون بالكلام المزيف يميناَ وشمالاً بلا هوادة، يكذبون بعمق كما كذب أخوة يوسف على أبيهم يعقوب، من طبائعهم فعل الشر، وهندسة البغض، ورسم القبح، كالوزغ تسكن مع الناس البيوت، وتكرع في آنيتهم الماء وتمجه، غلاظ في التفريق بين الناس، وألسنتهم بالنميمة حارقة، السباع الشريفة ذوات الرياسة، كالأسود والنمور والفهود، لا تتعرض للناس إلا بعد أن تهرم وتعجز عن صيد الوحوش، وإن لم يكن بها جوع شديد فمر بها إنسان لم تعترض له، لكن هؤلاء الحنظليون يعترضون الكل حتى الخلوق المسالم، جبناء يستدبرون الناس وا يواجهونهم، وإذا ما واجهوهم أشاحوا بوجوههم جانباً، وطأطأؤا رؤوسهم أرضاً، هم مخربون وفتانون، يحبون السواد، ويكرهون البياض، وأرواحهم مصبوغة بالرماد، يزينون النميمة ويغلفونها بغلاف أنيق، ويجيدون بقدرة عجيبة حياكتها وسردها، مكروهون أينما ثقفوا، ليس لهم شيم ولا تقبل، عقولهم ضعيفة، وعندهم غفلة، لا ينظرون نحو الأفق، بل ينظرون تحت أقدامهم، كارهون للوئام والمحبة والسلام، معاونون للشيطان، مردوا على الكذب حتى استطابوه، وعلى النميمة حتى استلذوها، سفهاء وحمقى، يطحنهم الحقد برحاه، والحسد باقدامه، لا يوجد أسوأ منهم وأبشع، ينطبق عليهم قول الشاعر:
يسطو بلا سبب وتلك
طبيعة الكلب العقور
فلنحذر هؤلاء الحنظليين أشد الحذر، قاتلهم الله أنى يؤفكون.