عثمان أبوبكر مالي
فجع الوسط الرياضي والإعلامي السعودي وحزن حزنًا كبيرًا لوفاة الإعلامي الكبير الزميل خالد قاضي الذي وافه الأجل المحتوم مساء يوم السبت الماضي، وفقدنا بوفاته إعلاميًّا كبيرًا مخضرمًا، أفنى زهرة شبابه وعمره وهو يعمل صحفيًا رياضيًّا، بعد أن تفرغ وجعل الصحافة (مهنة) له في وقت مبكر من حياته، على العكس تمامًا من غالبية أقرانه في ذلك الوقت، حيث كان معظمهم يعملون (متعاونين).
عمل (أبو عنان) في عدد من الصحف المحلية وتنقل بين كبرياتها، حيث بدأ في صحيفة عكاظ وانتقل إلى المدينة في أوائل الثمانينات وتزاملنا فيها سنوات طويلة، في أجمل فترات ازدهارها وقوتها، عندما كانت تصدر صحيفة (الملاعب) وكانت الصحيفة الأولى والوحيدة (رياضيًا) ثم عمل في صحف أخرى، واستمر حتى بلوغه سن التقاعد قبل قرابة أربع سنوات، لكنه لم يتوقف عن الركض والعمل في مجال الإعلام الرياضي، فقد استمر كاتبًا وراصدًا ومحللاً، وسجل حضورًا كبيرًا ومؤثرًا في البرامج الرياضية من خلال القنوات الفضائية، بآرائه وانتقاداته وأفكاره، وكان (فاكهة) البرامج الرياضية، وحتى قبل وفاته بشهرين ونيف كان ضمن الوفد الإعلامي السعودي، الذي رافق المنتخب الوطني الأول لكرة القدم، أثناء مشاركته في مونديال كأس العالم في روسيا.
بعد الانتهاء من دفن الفقيد -يرحمه الله- خرجت نداءات تدعو إلى تكريمه نظير ما قدم، وهو يستحق ولا شك، لكن تلك النداءات جعلتني أتساءل لماذا لا نهتم بتكريم الأوفياء والمبدعين في المجال الرياضي وهم أحياء؟! لماذا لا ندعو ونهتم بتكريم من يخلص في عمله ومهنته وخدمة بلده وهو (حي يرزق) ليكون ذلك شهادة وتاجًا له يحضره ويعيشه ويحتفل به، ويتركه إرثًا من بعده لأبنائه وأحفاده يفتخرون ويفاخرون به أبد الدهر؟! إن حدث ذلك فسيكون التصفيق في الاحتفاء عندما ينادي المنادي: تكريم المبدع فلان بن علان) وليس كما هو الحال اليوم -إن كان ثمة تكريم- يكون النداء (المرحوم) فلان بن فلان!!.
كلام مشفر
« الكلمة التي سمعتها من كل من يتحدث عن الزميل والصديق والأخ خالد قاضي، هو أنه كان (طيب القلب) وهي حقيقة ولا شك، لكن أبو عنان كان يمتلك الكثير من الصفات الحميدة وله الكثير من المواقف الإنسانية، وهو رجل محب للخير، مبادر إليه، حتى مع من أساؤا إليه يومًا ومن طعنوه من الخلف.
« اقتربت منه كثيرًا في الأشهر القليلة الماضية، وكان يجمعنا السفر والسكن في الرياض كثيرًا أثناء المشاركة في برنامج الخيمة في القناة الرياضية السعودية، وفي إحدى مرات شهر مارس وعند إتمام إجراءات صعود الطائرة، عرف أن ليس لدي (بطاقة الفرسان) فاستغرب كثيرًا، وهو يعرف حبي وسفري الكثير، فقلت له ببساطة (لم أهتم) ولم يعجبه ذلك فبادر على استخراجها لي وأصر على أن يحصل على الأوراق اللازمه لذلك، واستخرجها خلال أيام، بمساعدة شقيقه، فكان أن ترك في جيبي كما ترك في قلبي (بطاقة) تذكرني به ليل نهار ولا أملك له إلا الدعاء.
« بنفس الطريقة أعرف له الكثير من المبادرات لإعلاميين ورياضيين وغيرهم في حالات إنسانية ومرضية واحتياجية، كان يتصدى لها ويبادر إلى إيصال ملفاتها أو شكواها لقيادات وشخصيات رياضية بارزة، من أجل حلها أو المعاونة في حلها، من غير تردد أو إعلان، وسيجد كل ذلك في صحيفة ميزانه وحسناته بإذن الله تعالى
« كان موقف معالي المستشار رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ ووقفته مع عائلته؛ موقف المسؤولية والتقدير والعرفان، وهو موقف ليس جديد ولا مستغرب من قيادات هذا الوطن المعطاء، وقد أثلج صدور الجميع، جعله الله في ميزان حسناته.
« تخصيص دخل مباراة الأهلي والحزم لعائلة الفقيد تكريمٌ آخر من هيئة الرياضة ومسحة حانية للتخفيف على ذويه، وأرجو أن يكون هناك تكريم (أكبر) يستحقه وبادرة من ناديي جدة؛ المدينة التي عشقها وعاش وتوفي فيها (الأهلي والاتحاد) بإقامة مباراة (خيرية) بينهما يخصص دخلها لإقامة مشروع (صدقة جارية) باسمه، عملاً بقول المصطفى عليه الصلاة والسلام (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. منها صدقة جارية)
« سيكون ذلك أكبر تكريم له، أرجو أن يسعى صديقه (الوفي) الزميل الدكتور رجاء الله السلمي (رئيس الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي) إلى تنفيذ هذا الاقتراح بمعاونة الزميل الأستاذ جميل الذيابي رئيس تحرير عكاظ (أول صحيفة عمل فيها) وبدعم بقية الزملاء (رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته).