سعد بن عبدالقادر القويعي
أجمل ما ورد في مطالبة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة - الأمير - خالد بن سلمان للمجتمع الدولي، وضرورة: «التكاتف لتحميل قاتلي - رئيس الوزراء اللبناني السابق - رفيق الحريري المسؤولية ومعاقبتهم، ووضع حد لسلسلة الاغتيالات السياسية التي دأبت أنظمة الغدر والدمار على استخدامها في تدمير أوطاننا، ونشر الفوضى فيها»، هو الإشارة بوضوح إلى نظام إرهابي - متمكن راسخ - على الأرض اللبنانية، والذي تميز باستقطاب حاد حول النفوذ السوري في لبنان، وسيطرة حزب الله اللبناني على صناعة القرار، وفشل الدولة اللبنانية - طوال العقود الأربعة الماضية - في توفير حماية ملائمة لمواطنيها.
اغتيال رفيق الحريري حصل في سياق - سياسي وأمني -، وبالعمق الاستراتيجي، والسياق الإيديولوجي. وقد كان للجريمة استنكار شامل - محلي وعربي ودولي -، - خصوصا - بعد أن أظهرت بشاعة الجريمة مدى الحقد الذي تضمره أيادي الشر لهذا البلد، والتي لا تفرق بين أحد. بل كان هدفها - فقط - تقويض السلم الأهلي، والاستقرار، وتعزيز الانقسامات السياسية بين الأحزاب اللبنانية، وفوق كل هذا تصر على الاحتفاظ بالسلاح؛ مما يتعارض مع احترام سيادة المؤسسات الرسمية.
هيمنة القرار الإيراني الفارسي على دولة لبنان المختطف، أفرز نتائج مدمرة على السلم والأمن اللبناني؛ فساهمت - مع الأسف - في انتشار ثقافة الترهيب، ولغة القتل، والإفلات من العقاب، - ولا سيما - أن الإشارة إلى الهوية السياسية للمتهمين مطلب مشروع؛ باعتبارهم أعضاء بارزين في ميليشيات حزب الله الإرهابي، والذي هيمن على مفاصل الحياة - السياسية والأمنية - اللبنانية، وفاق الحدود - المحلية والعربية -، وبات جزءا بغيضا من حركية سياسية متداخلة من الجزئيات إلى الكليات، في كل أطرها وتشعباتها.
إن حماية الوحدة الوطنية لدولة لبنان، ستحمي مكانته الهشة من ضغوط - لا مبرر لها -، وسيوفر تحسين فرص السلام، والأمن في المنطقة؛ لإعادة الحالة الطبيعية إلى لبنان، - خصوصا - مع تكشف الحقيقة حول جوانب كثيرة من الليالي الحالكة التي عاشها لبنان - منذ اغتيال رفيق الحريري -. كما أن الإصرار على محاسبة المجرمين، ومن خلفهم من منظمات إرهابية أمام القضاء؛ بما يتلاءم مع حجم جريمتهم، سيجعل من اللبنانيين دورا مهما في تحقيق المزيد من الوحدة فيما بينهم، والتضامن في وجه ما يحاك ضدهم من مؤامرات قذرة.