د. خيرية السقاف
نؤمن جميعنا بأن الموت كما الحياة قَدَرٌ، وأجلٌ حين يأتي تتعدد أسبابه،
وتختلف، لكن لا مردَّ له..
ربما هذا اليقين المُعْتَقَد، يهوِّن علينا مصيبة الفقد، وألم الفراق..
لكن، مع هذا فالبشر مسؤولون عن أفعالهم وإن كانت السبب في الموت وجب عليهم العقاب، بالقصاص، ودفع الدَّية، وهذا الحساب الدنيوي القابل للتنازل، كما هو قابل للتنفيذ..
إذن فالحذر من الوقوع في أسباب زهق الأرواح من واجبات الإنسان نحو الإنسان..
ثمة ما لا يفرق بين الأرواح كانت في جسد طفل أو مسنٍّ..
كل روح عزيزة على خالقها، وهي كذلك لذويها..
فما أصعب فقد والدين لفلذة كبديهما وهما يرسلانه للمدرسة ليتعلم، استعدادًا لمستقبل يطمحان أن يكونا فيه السند، ويكون هو فيه العضد، فإذا بهما يجدانه جثة هامدة من الروح في حافلة المدرسة؟!..
من المسؤول؟! ..
نظام سير الحافلات وإيقافها، وخلُّوه من الشرط المُلْزِم لمن يتولى السياقة حين يغفل، أو يهمل
التأكد من فراغ الحافلة عند باب المدرسة بعد الإيصال، أو عند المجيء؟!..
أو هو ضرورة وجود مرافق في الحافلة مهمته التأكد من هذا، ومراقبة، وخروج الراكبين، والراكبات من طلبة المدارس؟!،
وربما يمتد الأمر إلى جميع الحافلات بكل أغراضها وأوقاتها، حيث إن الإنسان معرَّض لأن يغفو في الطريق؟!..
ومع أن الطائرات شبيهة بالحافلات، لكن نظام مرور المضيفين فيها لتأكيد ربط الأحزمة ما يوقظ النائم فيها يخفف، ويمنع مثل هذه الحوادث، إلا أنه نظام إلزامي ينبغي أن يعمم، ويلتزم به كل من يتولى سياقة حافلة..
قبل يومين في سيهات فقدنا طفلا كان غافيا لم يوقظه أحد في حافلة المدرسة، خلا منه بيته، ومحضن والديه، وخلا منه فصله الدراسي، وساحات لهوه، ورفقة زملائه..
وقبل ذلك كانت هناك أحداث مماثلة في بعض مدن البلاد، ولم توضع منذها أية شروط، ولا قوانين، ولا ما يمنع هذه الأحداث التي يذهب ضحيتها صغارنا، فتكرر الأمر، ونأمل ألا يتكرر..
فليكن موقف «وزارة التعليم» أكثر جدية في هذا الأمر، وعدم جعلها حادثة تُنسى حتى نوقظ على مثيلتها تشمل جميع حافلات المدارس الحكومية، والأهلية، ومنع أن تكون حافلات المدارس قاتلات!!..
أحسن الله عزاء والدي الطفل، وجعله لهما «شافعًا نافعًا»، وجبر قلبيهما، وعوضهما الصبر والرضا. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}..