إبراهيم عبدالله العمار
يمتلئ يوتيوب بقنوات لا نهائية تتخصص في المقالب، وهذه تحصل على مشاهدات ضخمة، حتى نالت هذه المقاطع قرابة 18 مليار مشاهدة في عام 2015م، وفي سعيها أن تحصل على المزيد من المشاهدات صارت الأغلبية الساحقة من تلك القنوات تكذب وتُمثّل «المقالب» تمثيلاً، ولا يوجد إلا النادر منهم ممن يصنع شيئاً حقيقياً، بل حتى في سعيهم لتلك المشاهدات صاروا ينشرون مقالب مبالغ فيها يتضح عليها الكذب، ومن أوضحها مقطع لأحدهم يختطف اثنين من مشاهير الإنترنت ثم يطلق النار على أحدهما بينما الآخر يصيح وينتحب، مقطع واضح الزيف لا يصدقه حتى الأطفال!
هذه نتيجة هوس المقالب هذا، والحقيقية مضحكة في الواقع لو أُتقِنَت وخَلَت من الترويع أو المخاطرة، لكن أين تجد من لديه هذا الحس؟ في 2011م صنع مراهق أمريكي مقلباً لينشره في صفحته الاجتماعية، فغطى لوحة «قف» المرورية بالبلاستيك، وأتت سيارة فيها مسنّتان ولم تقفا فضربتهما سيارة كبيرة مسرعة وقتلتهما. وموقف آخر فعله مراهقان –وحماقة الصبا لها نصيب الأسد من مصائب المقالب– عندما قذفا بيضاً على سيارة كان فيها شخصان، واللذان جن جنونهما فنزلا ولاحقاهما وأطلقا عليهما النار قاتلين أحدهما. وشبيه بهذا ما حصل في أمريكا أيضاً لما خرج رجل ووجد مجموعة من الصبية يصبغون سيارته بالمايونيز كدعابة انتقامية من ابن الرجل الذي صنع لهم مقلباً من قبل، ولم يعرف الأب أي شيء عن هذا إلا ما رآه من غرباء يشوهون سيارته، فأخرج بندقيته وأطلق النار وقتل أحدهم وهي فتاة عمرها 15 سنة.
تحصل من هذه المآسي أكثر مما يظن المرء، لكنها تنفع آخرين، فلما كثرت قنوات المقالب المزيفة في يوتيوب حنق البعض على سهولة تصديق الناس لهذه الأكاذيب، وظهرت قنوات تخصصها الوحيد فضح هؤلاء الكاذبين، فيُظهِرون ما يَسقط سهواً ويكشف زيف المقلب، أو يُظهِر اتفاق صاحب المقلب مع «الضحية»، وكذلك ظهور «الضحية» في مقاطع أخرى لنفس الشخص، وصار لتلك القنوات جمهور ومشاهدات ضخمة ممن بدأوا يُدرِكون زيف قنوات المقالب، وكما قيل: مصائب قوم عند قوم... «مشاهدات»!