عبده الأسمري
*يتنوع المزاج الإنساني، ويبدأ في حياكة فصوله مع صبيحة كل يوم.. تعتمر رائحة القهوة عقول المتيمين بها؛ لتسكب «وجهها الغامق» معلنة انعتاق الروح من غياهب الجمود؛ لتنثر الفرح مع كل رشفة، ولتكمل لوحة الجمال مع الورق، ولتبلور سطوة «السمو الأدبي» مع أناقة الكتابة وتأنق القراءة.
*يستيقظ سكان القرى على صدى الفلاح وندى الصباح فيعلنون «السلام الذاتي» مع أدواتهم البسيطة مقاطعين كل مغريات «التمدن»، ماضين في «تعايش مألوف وألفة عيش» مع الشجر والطير والحجر، متخذين من الطبيعة مرسمًا يوميًّا، يخطون فيه ملاحم الكفاح..
*يمضي الأدباء والمثقفون يومهم باحثين عن المعرفة، لاهثين وراء الكتب، موجهين بوصلة الزمن إلى اتجاهات الثقافة؛ ليعلنوا الوفاق مع الكلمة، والاتفاق مع العبارة، متجاهلين كل الاتجاهات الروتينية التي تنتج «يومًا بلا معنى».
*يختار المحسنون أقصر الطرقات للرضا الذاتي والاطمئنان الديني موزعين عبير أفعالهم إلى قنوات «الاحتياج»، ونحو مسارات «المعروف»، عنوانهم السرية، وتفاصيلهم «حسن الخلق وإغاثة الملهوف وإعانة المكروب».
*يشيع المتفائلون روح الإيجابية، يوزعون ابتساماتهم «البيضاء»؛ لتطمس كل إيحاءات «العتمة النفسية»، يصنعون السعادة بخلطة متاحة للجميع، ويصدرون السرور إلى الجميع بعدل اجتماعي، تكسوه كل معالم الرقي الإنساني.
*بيننا مَن يصنع «الفارق»، ويبرز «الفرق» في يوم يبدؤه بالتوكل المطلق على الله مع الدافعية المفتوحة للذات واضعًا من الإنجاز اليومي وجهًا للحياة، والمنجز العملي واجهة للتفوق.
*يتمسك النبلاء بأخلاقهم فيعرضون عن الجاهل، ويتساهلون مع السفيه، ويتجاهلون الأحمق، ويتناسون الألم، وينسون الزلات.. ويتباهون بأعماق تنبع بالوفاء المستديم جاعلين من سوءات الغير «تجارب حقيقية»، تمدهم بيقين أشمل «أن الحياة قصيرة»، لا تحتمل الجدال، ولا تقبل التجادل، فيمضون إلى حيث «الذكر الطيب» و»المعني الجميل» للنفس الباحثة عن السواء والنماء.
*يقضي الساخرون جُلَّ وقتهم في «إثارة الطرفة»، وفي «لم ذنوب الآخرين»، وفي تشويه مساحات البياض البشري، وتعتيم نقاء الفطرة بشوائب السخف وعواقب الفراغ.
*يشتاق المريض للعافية، ويتناسى «السليم» تاج صحته.. يخفف المكلوم من حزنه طمعًا في الطمأنينة، ويبالغ الساذج في وصف ظرفه إمعانًا في جَلْد الذات وإنكار النِّعَم.. فتظهر حتمية الاختلاف بين العقول، وضرورة الخلاف بين النفس ومعطياتها في مواقف اختبار حقيقية بين الشكر والصبر. *يبحث المسكون بالفضول عن ملء وقته بتفاهات متابعة الغير، وترهات مراقبة الآخرين، فيدخل في متاهات بحوث بائسة للحسد أو الشماتة فيما يلاحق المتيم بالفكر عقارب الساعة بحثًا عن تقسيم أمثل لوقته، يجعله ينهي يومه بلا فجوات فراغ أو فراغات ضياع حتى يسمو بأفكاره، ويرتقي بمعرفته مستندًا إلى قيمة الوقت وقيم التعلم والتدبر والتفكر.
*يسأل الأوفياء عن الساكنين في محيط «الاهتمام» والماكثين في دائرة «الحقوق الاجتماعية»؛ ليجيب ذاته عن أحوالهم، وليقوم بدوره الأمثل في المشاركة الوجدانية لأفراحهم وأتراحهم.
*ينطلق الأذكياء من نقاط التخطيط إلى خطوط النهاية بخطوات واثقة، تحسب الزمن، وتكسب المقومات، وتلغي المحبطات.. فيما يظل الأغبياء يكتبون أحلامهم على الماء منتظرين «جودة الحظ»، و»ثورة الصدف»؛ لتعطيهم الفرص خارج إطارات العقلانية.
*يفتخر «الأنقياء» برونق أنفسهم وبريق أرواحهم في واقعية مستديمة، تمقت الغدر، وتكره الخداع، متمسكين بحقائق ذواتهم الثابتة التي لا تغيِّرها المصالح، ولا تستغلها «المطامح»، ماضين إلى حيث الفوز بالنقاء والنجاة من النكران.
*يستجوب الحكيم ذاته يوميًّا في تصفية حساب خاصة، يرصد فيها أخطاء النفس ونزغات الآخرين ونزاعات الحياة ماثلاً أمام حقيقة أدواره، مرجحًا ميزان حياته بين كفتَي الاعتبار والانتصار.
*ينتقي الخلوق أسمى العبارات، ويختار أجمل الاعتبارات في تخطيط تعاملاته مع الآخرين سائرًا في درب مفروش بالتصالح والتسامح مع نفسه والآخرين، واضعًا من أخلاقه منصة شرف، يكتب فيها اسمه يوميًّا بمداد «الأخلاق» وسداد «التعامل».