رقية سليمان الهويريني
فيما ينقسم التطرف إلى فكر وسلوك، فإن حاملو لواء الفكر يخططون ويحرضون بهدف خلق مكانة سياسية لهم أو حظوة اجتماعية؛ ولا يكاد يظهر عليهم أدنى سلوك متطرف، بينما يستقطبون فئة أخرى يحكمها الحماس ويحركها التهور لتنفيذ أجندتهم.
ويأتي الحماس الديني وترويج بيانات التحريض والإثارة في صدارة دوافع الغلو والتطرف التي يكون وقودها ذوي السلوك المتطرف. ويبدو التطرف مقيتا وعنيفا حين يفت في عضد المجتمع، فيتحول من مجتمع قوي متماسك إلى آخر ضعيف مهلهل! وتنقلب المجتمعات التي يسودها التسامح والحوار والإيمان بالاختلاف ونبذ العنف، إلى مجتمعات متناحرة ترفض الاختلاف وتلجأ لوسائل العنف المختلفة في تصفية الآخر!
وبسب تعثر جهود إحياء التعددية والتعايش السلمي في المنطقة العربية، والتي كانت سائدة فيه؛ فإنه من المحتم إعادة النظر في نوعية الخطاب الديني السائد الذي يدعو لنسف الآخر، ووقف بيانات التحريض والتحفيز المبطنة، والعمل على تطوير السياسات المكرسة لبناء الجهود لدفع أي خطر محدق!
ويعد التطرف الإلكتروني أسوأ مظاهر سلوك التطرف، ولن يتأتى علاجه إلا من خلال ابتداع وسائل وتقنيات إلكترونية لمواجهته، ولن تتمكن الحكومات من محاربته ما لم تسعَ إلى تطوير وسائل الإعلام في مكافحته، وطرح حلول علمية وعملية للوقاية منه، وتطوير دور الشباب والمؤسسات المعنية في التصدي له. ومن المهم التنسيق مع المؤسسات التعليمية والثقافية وتفعيل دورها في مواجهة ظاهرتي التطرف والإرهاب، ونشر ثقافة التسامح والارتقاء بدور الحوار البناء، وغرس قيم الوسطية والاعتدال والتعايش داخل المجتمع. فضلاً عن تشجيع الباحثين والمتخصصين لدراسة هذه الظاهرة الخطيرة وتحديد محفزاتها وإزالتها.
ومن الأهمية بمكان العمل على تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للشباب في الوطن العربي وخلق فرص عمل مناسبة لهم لحماية حقوقهم وجعلهم يشاركون في بناء مستقبل بلادهم، وبناء قدرات الحكومات والمجتمعات لتتمكن من التصدي للأساليب التي يستخدمها أصحاب الفكر المتطرف لتجنيد الشباب ودفعهم له، حينما يتم استغلال تظلماتهم وتضجرهم باستقطابهم وشحنهم ضد حكوماتهم.