كوثر الأربش
في بيتي أريد ابنًا مثل هذا الطالب الذي طرح سؤالاً بكل شجاعة على مدير جامعة شقراء معالي الدكتور عوض الأسمري. نعم، نحن ننجح حينما نربي جيلاً شجاعًا، صادقًا، وخلوقًا في الوقت ذاته. هذا ما كان عليه طالب جامعة شقراء. وهو يمثل جيل الرؤية، كما أحب أن أسميهم، هذا الجيل الذي يجد نفسه جديرًا بالثقة، وعلى أتم الاستعداد لشغل الوظائف، وقبل هذا الاستعداد لها بالتعليم الجيد. «جيل الرؤية» الذي يدرك معنى «الوطن» ومعنى أولوية المواطن دون التقليل من الآخر/ الأجنبي. الوطنية التي تتجاوز الأشعار، استعداء الآخرين، الركون لأمجاد الماضي، والتفاخر غير المستند إلى المنجز. تجاوزت كل هذا؛ لتصبح مسؤولية ضخمة بأن ننهض ببلادنا، نخدمها، ونسابق بها العالم.. ثم تنهض بنا، تخدمنا، وتسابق بنا العالم. هذه هي الوطنية بمفهومها الحديث الذي علينا أن نشجعه، نكرسه، ونحميه. طالب جامعة شقراء استحق بجدارة احترام السعوديين؛ لأنه أدرك استحقاقه من جهة، ولم يسئ الأدب مع مدير جامعته من جهة أخرى، وثبت على موقفه حتى بعد اتهامه بالعنصرية! تحية بل ثناء كبير لابن هذا الوطن الغالي. قُبلة على جبين والدته، والكثير من التقدير لوالده؛ لقد أنشأتما ابنًا تحتاج إليه كل عائلة.
الآن، دعونا نحلل خطاب د. الأسمري بموضوعية. وقبل كل شيء دعونا نسأل بكل صدق: هل جامعات المحافظات طاردة للطالب المتفوق؟ وأيضًا طاردة وظيفيًّا للمعلم السعودي؟
إن كان الأمر كذلك فالأمر جلل، وعلينا أن ندق ناقوس الخطر؛ فكل سعودي يستحق بيئة تعليم فائقة، بغض النظر عن المنطقة، مدينة أو قرية. ميزانية التعليم 192 مليارًا سعوديًّا، وهي تشكل ما يقارب 15 % من الميزانية السعودية لعام 2018. فما الذي يعيق رفع مستوى التعليم الجامعي في المحافظات والقرى النائية؟
أرى أن تسرع الجامعات تلك لدراسة للأمر بدقة، وتضع حلولاً تدفع بآليات التعليم؛ لتنافس الجامعات الكبرى، سواء بإعادة الهيكلة، أو على صعيد جذب المعلم السعودي لها. فما المانع من وضع حوافز تحوِّل «البيئة الطاردة» كما عبِّر د. الأسمري لـ»بيئة جاذبة»؟ وأخيرًا إلغاء الطبقية بين الجامعات؛ فلا يكون لدينا جامعات للطلبة المتميزين وأخرى للطلاب الأقل تميزًا.
لا أريد أن يتحول رد د. الأسمري لمادة دسمة لاستغلال أعداء الوطن، ولا فرصة للتفريغ في هاشتاقات تويتر. أريد أن يصبح موضوع دراسة استراتيجية، وتكون نقطة تحوُّل مهمة وعاجلة.