فهد بن جليد
الوصفة السعودية السحرية للتعامل مع (تهنيق) أي جهاز إلكتروني, هي فصل التيار الكهربائي عنه ثم إعادة تشغيله, نجاح التجربة يجعلنا نتعلق بها أكثر, ونعتمدها على الدوام في معظم المشاكل التقنية التي تواجهنا, بل إنّ موظفي خدمات العملاء بشركات الاتصالات ومراكز الصيانة في شركات الخدمات يعتمدون أيضاً عليها - كخطوة أولى - لعلاج أي عطل في الأجهزة.
بذات الطريقة نتعامل مع مُسلَّمات أخرى من حولنا في الحياة, على رأسها تشخيص الأطفال بأنَّهم يعانون من (فرط الحركة), ستجد نفسك أمام طفل شُخِّص بأنَّه مُصاب بالمرض فقط لأنَّه مُندفع على الدوام, يتحرك بسرعة, يقفز على الكنب وحافة السرير داخل المنزل, يقاطعك عند التحدث معه, لا يجيب على الأسئلة بتركيز كاف, يرتكب أخطاء كان يمكن تفاديها بسهولة لو ركز فيها قليلاً, تظهر عليه علامات عدم الانتظام, يحب الفوضى.. إلخ, هنا يحلو للكثيرين من الأهل والأصدقاء أو الجيران من حولك وصفه بأنَّه مُصاب (بفرط الحركة وتشتتت الانتباه), الأمر امتد من العامة إلى المُتخصصين في المستشفيات كأسهل طريقة للتشخيص, وأولى الخطوات بذات الطريقة الوصفة السحرية (إعادة تشغيل) الجهاز أعلاه, وهو ما جعل النسبة مُرتفعة لمن نعتقد أنَّهم مُصابون من أطفالنا لنحو 16في المائة بينما النسبة العالمية لا تتجاوز الـ6 في المائة - لستُ طبيباً ولا مُتخصصاً - ولكن اطلاعي على (برسيجر) التشخيص العالمي, يؤكد أن رأي طبيب واحد ليس رأياً نهائياً وصائباً, وأنَّ التشخيص يحتاج فريقا مُتكاملا ومُتخصصا وعيادة مؤهلة, يُراقب فيها الطفل سريرياً, ويُجاب فيها على أسئلة من الأهل والمُحيط وتُحلل, وليس بالسهولة التي تعتمدها عيادات التشخيص لدينا.
العوامل الوراثية, الملونات الغذائية, استخدام التكنولوجيا المُفرطة, ضرب الطفل وتخويفه.. إلخ من المُسببات, قد ينتج عنها أعراض شبيهة (بتشتت الانتباه وفرط الحركة) ممَّا يجعلنا أمام احتمالية تشخيص طبي خاطئ, على المُتخصصين إفادتنا حوله للتفريق بينه وبين (شقاوة) الأطفال الطبيعية, خصوصاً وأنَّ الحالات الحقيقية للمرض قد تبقى دون علاج أو تدخل لتعديل وتهذيب السلوك, نتيجة لاقتناع الأهل غالباً بعدم الاستمرار في العلاج الطبي حتى لا تزيد الأعراض, فيكتفون بالصبر والتحمل أو تصنيف أفعال الطفل وتصرفاته بأنَّها غير مهذبة في هذا العمر, وسيتعدل سلوكه في المرحلة العمرية الأكبر.
وعلى دروب الخير نلتقي.