ياسر صالح البهيجان
الحفاظ على الاتزان البيئي اتجاه دولي، تدعو إليه جميع المنظمات العالمية؛ لأنه يجعل الحياة على كوكب الأرض ممكنة، ويحقق منافع مستدامة للإنسان الحالي وللأجيال المقبلة التي نحن مستأمنون على تهيئة الظروف الملائمة لها؛ لتحيا حياة طبيعية تليق بها.
كما أن فهم العلاقة بين التنوع البيولوجي واستقرار النظام البيئي غاية في الأهمية، وهو ما أسس لفكرة إنشاء المحميات، وأوجب على الحكومات فرض عقوبات على ممارسة الصيد الجائر؛ إذ إن لكل كائن حي دوره في البيئة، وهو ليس دورًا جماليًّا فحسب، وإنما دور وظيفي، تكتسب به البيئة صفة الديمومة والاستمرار.
هناك مثال اقتصادي، أراه مناسبًا لإيضاح فكرة أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي، وأثره في الاستدامة البيئية، هي أن اقتصادات الدول الكبرى لا يمكن أن تنمو لولا التنوُّع في مصادر إنتاجها، ولو بقيت على إنتاج سلعة واحدة فإنها مهددة بالانهيار متى ما انهارت تلك السلعة. وكذلك الحال بالنسبة للبيئة؛ فإنها بحاجة للتنوع؛ لكي تستطيع البقاء بحيوية. ومتى ما تعرَّض نوع للانقراض فإن لديها احتياطيًّا كافيًا من الأنواع الأخرى القادرة على جعل النظام البيئي قائمًا ومتزنًا، وهو ما يقوله المثل الشائع (لا تجعل كل البيض في سلة واحدة).
ورغم أن الوعي بأهمية المحافظة على النظام البيئي ارتفع مقارنة بالعقود السابقة فإن السلوكيات غير السوية لا تزال حاضرة.. ولعل وسائل التواصل الاجتماعي كشفت العديد من الانتهاكات البيئية من اصطياد الحيوانات البرية بمختلف أنواعها، والطيور صغيرها وكبيرها، إلى جانب اقتلاع الأشجار المعمرة والوليدة، والنباتات والأزهار بجميع ألوانها وأشكالها، وغير ذلك مما لا يتسع المقام إلى ذكره وتفصيله.
وأجزم بأن الوعي البيئي لا ينفصل عن الرقابة المشددة والعقوبات الصارمة؛ لذا فإن الجهات المسؤولة عن البيئة مطالَبة أكثر من أي وقت مضى بإعادة تقييم طرقها الرقابية، ومراجعة غراماتها المتدنية، وانتهاج أسلوب أكثر حداثة في جوانبها الإعلامية والتوعوية؛ لتبقى بيئتنا حية ومستدامة، تنعم بها الأجيال الحالية والمستقبلية على حد سواء.