رمضان جريدي العنزي
إن «البقالات» التي تديرها وتملكها العمالة الوافدة وفق تكتلات وتعاضدات واتحادات وشراكات وشبكات وتجمعات وشفرات ورسائل وأواصر وثيقة ومتينة بينهم، والمنتشرة في شوارعنا الرئيسة والفرعية وداخل أحيائنا، كانتشار النار في الهشيم، وبشكل كبير وكثيف ومتنامٍ، يجب أن تضع وزارة العمل والجهات المعنية الأخرى حداً فاصلاً وفصلاً أخيراً لهذا العمل الاحتكاري الذي يمارسه الوافدون بحرفية مميزة، وذكاء حاد، وذلك بشكل نهائي لا تباطؤ فيه ولا تلكؤ ولا تأخير ولا تسويف، يجب «توطين» هذه البقالات فوراً لأن المقلق هو أن أصحابها وملاكها الوافدون وجراء التستر من قبل أصحاب الضمائر الوطنية الميتة يحولون مليارات الريالات إلى بلدانهم سنوياً نتيجة الدخل الكبير والمهول من هذه التجارة السهلة الرابحة، التي يجب أن يديرها ويملكها السعوديون بشكل غير آني، فوري وعاجل، أن على الجهات المعنية إدراك هذا الواقع الحاصل، وهذه الحقيقة الجلية، مع تنامي وانتشار الوعي لدى السعوديين بأن العمل في أي مهنة مشروعة مهما كانت طبيعتها لا ينقص من قيمة وقدر صاحبها، وهي الرسالة التي نجح الشباب السعودي في التأكيد عليها بأعمالهم المهنية المختلفة، ولنا مثال مشرق ومشرف، حي وجميل في قطاع بيع وصيانة الهواتف المحمولة، الذي شهد تغيراً كبيراً وجذرياً، بعد أن فرضت وزارة العمل على أصحاب المحلات تشغيل الشباب السعودي، عوضاً عن تشغيل العمالة الوافدة، إن سرعة قرار توطين البقالات سيوفر عشرات آلاف من الوظائف للسعوديين مدرة للمال ومربحة، إن التستر التجاري في مجال البقالات كبير جداً وليس بالقليل أو الهين، وحين توطينها سيزاح الستار وسيظهر المخفي الصادم، إن البقالات التي تعد بالآلاف المؤلفة التي تتوزع بشكل كبير وعشوائي في كل شارع وركن ومدخل، لو أغلق العدد الأكبر منها فلن يتأثر المستهلك بالصورة التي يرسمها لنا البعض ويبثها ويشيعها، بقدر ما يتأثر الوافد المالك، والمتستر الوطني النائم، الغارق والغاط بالشخير، إن توطين البقالات دعم لنشاط تجاري مربح، بل غاية بالربح كبير، والذي قد تشترك فيه العائلة الواحدة، أو أبناء العمومة، أو حتى الأصدقاء، ويديرونها بالتناوب بينهم، إن على وزارة العمل، ووزارة التجارة، والبلديات، ولكي تنجح هذه المهمة الوطنية إيجاد جيش من المفتشين والمراقبين والمتعاونين لمحاربة التستر التجاري الحاصل في هذا المجال وكشف المستور، إن كل تأخير في توطيالبقالات يعني مزيداً من الوقت الضائع، ومزيداً من هدر وترحيل المال خارج البلاد بمبالغ مليارية هائلة وكبيرة وموهولة، الوطن والمواطن أولى بها وأحق وأوجب وأجدر، إن على الجهات المعنية في التوطين الابتعاد كلياً عن كل صوت محبط أو متشائم أو انهزامي أو له مصلحة وفائدة أو في نفسه غرض أو لديه غاية، إن الوقت لا يحتاج لمزيد من الدراسة والمناقشة والتدقيق والتمحيص، فالأمر بسيط جداً، واضح وجلي، ولا يحتاج لعبقرية أو ذكاء، أو أدوات اكتشاف، إن استنزاف المال وتحويله خارج البلاد من قبل العمالة الوافدة في هذا المجال كبير ومهول وصادم وربما لا يخطر على بال، إن نشاط التوطين في بعض المجالات التجارية المختلفة قد نجح وأينع وآتٍ حصاده، وسينجح بالتأكيد في المجالات الأخرى بعد حين، إن الخطوات الجادة التي تخطوها الدولة أعزها الله وأمدها بعونه وتوفيقه في مجال التوطين وتمكين المواطنين والمواطنات من فرص العمل لا رجعة فيها ولا نكوص ولا تبدل أو تغير مطلقاً، لأن المواطن بجنسيه هو لبنة المستقبل الصلبة الذي يجب أن يبنى عليها كل مرتكزات العمل والإنتاج والنماء والتنمية المستدامة، إن توطين البقالات واحد من أهم التحديات التي يجب أن يتحقق كما تحقق الكثير غيرها، ويجب أن ينتزع هذا الحق المسلوب من الوافد ويجير لمصلحة المواطن، فقط يحتاج الأمر التعجل فيه وتفعيله والعمل به، بعيداً عن مقولة التمهل أو التأني أو التريث أو التدرج في تطبيقه، لأن التدرج يعني «التسويف» و»المماطلة» و»المماحكة» وإضاعة الوقت والجهد والمال، وترسيخ عمل الوافد وإعطاءه الفرصة الثمينة وتمكينه في البقاء في هذا المجال الربحي الكبير لأطول فترة ممكنة، عطفاً على استنزاف المال وترحيله خارج البلاد بلا غاية ولا مبرر ولا مردود ولا نتيجة، وبلا أدنى فائدة جلية تذكر تعود على الوطن والمواطن على حد سواء، إن على الجهات المعنية كلا وفق شأنه وتخصصه وبشكل فوري وعاجل، العمل على تفعيل توطين البقالات، وألا تهرب من هذه القضية الوطنية الاقتصادية الحيوية المهمة، كما يهرب الصحيح من الأجرب، أو تنفر منها كما تنفر الأحصنة من مسارات الركض، ومضامير السباق.