عبدالعزيز السماري
لا يمكن تجاوز المتغيرات المناخية الكبرى على كوكب الأرض، فقد ازدادت درجات الحرارة في مختلف أرجاء الكرة الأرضية، فالأنهار الجليدية تذوب، ومستويات البحار آخذة في الارتفاع، والغابات السحابية تموت، والحياة البرية تتدافع لمواكبة التقدم، ولو رجعنا إلى الماضي وبالتحديد إلى خمسين سنة من تاريخ الطقس في الجزيرة العربية لأكتشفنا أن درجات الحرارة إزدادت بالفعل أربع درجات الأقل في بعض المناطق، وأن فصول الحرارة العالية طالت عن الماضي..
من الواضح أن البشر في مختلف أرجاء العالم تسببوا في معظم الاحترار الذي حدث في القرن الماضي عن طريق إطلاق غازات الاحتراق الحراري أثناء إمدادنا بحياتنا الحديثة، وهو ما يطلق عليه بالاحترار أو الاحتباس الحراري، والتي تسبب في مجموعة من التغييرات في مناخ الأرض، أو أنماط الطقس على المدى الطويل، وقد تختلف من مكان إلى آخر. بينما تدور الأرض كل يوم، تدور الحرارة الجديدة معها.. ولأنه هذه التغيير المتتابع أصبح حقيقة لا جدال فيها، ماذا سيفعل الإنسان لإبطاء هذا الاحترار؟ وكيف سنواجه التغييرات التي قمنا بها بالفعل؟.
الاحترار يحدث عندما تعوق بعض الغازات في الغلاف الجوي للأرض الحرارة، وتسمح هذه الغازات بالضوء لكنها تحمي الحرارة من الهروب، مثل الجدران الزجاجية للبيت الزجاجي، وهو ارتفاع لدرجة الحرارة في بيئة ما نتيجة تغيير في سيلان الطاقة الحرارية من البيئة وإليها، وعادة ما يطلق هذا الاسم على ظاهرة ارتفاع درجات حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي.
لقد عرف العلماء عن ظاهرة الاحتباس الحراري منذ عام 1824، عندما حسب جوزيف فورييه أن الأرض ستكون أكثر برودة إذا لم يكن لديها غلاف جوي. هذا التأثير على الاحتباس الحراري هو ما يحافظ على مناخ الأرض قابلاً للعيش، وبدونه، سيكون سطح الأرض بمتوسط 60 درجة فهرنهايت برودة، وفي عام 1895، اكتشف الكيميائي السويدي سفانتي أرهينيوس أن بإمكان البشر تعزيز تأثير الاحتباس الحراري عن طريق صنع ثاني أكسيد الكربون.
لقد ارتفعت مستويات غازات الاحتباس الحراري صعوداً وهبوطاً على مدى تاريخ الأرض، لكنها كانت ثابتة إلى حد ما خلال الألف سنة الماضية، وبقي متوسط درجات الحرارة العالمية ثابتًا إلى حد ما خلال ذلك الوقت أيضًا، حتى وقت قريب مع بدء مراحل حرق الوقود الأحفوري وغيره، وبالتالي زيادة انبعاث الغازات.
تؤثر عوامل أخرى لفترة وجيزة على درجات الحرارة العالمية، فالثوران البركانية، على سبيل المثال، تنبعث منها جسيمات تعمل على تبريد سطح الأرض مؤقتًا، لكن ليس لها تأثير دائم بعد سنوات قليلة، ودورات أخرى، مثل النينيو، تعمل أيضاً على دورات قصيرة نسبيا، ويمكن التنبؤ بها، ولكن الآن، وبعد أن زاد البشر من كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بأكثر من الثلث منذ الثورة الصناعية، بدأت سلسلة من المتغيرات الكبرى والتي من شأنها أن تؤدي إلى تسارع في ارتفاع درجات الحرارة.
يمثل هذا الارتفاع السريع في غازات الاحتباس الحراري مشكلة لأنها تغير المناخ بشكل أسرع من قدرة بعض الكائنات الحية على التكيف. كذلك يؤدي إلى مناخ جديد لا يمكن التنبؤ بتأثيراته على جميع مختلف أشكال الحياة، والآن، مع ارتفاع تركيزات الغازات الدفيئة، بدأت طبقات الأرض الجليدية المتبقية (مثل جرينلاند وأنتاركتيكا) في الذوبان أيضاً. قد تزيد المياه الإضافية مستويات البحار بشكل كبير.
ومع ارتفاع الزئبق، يمكن أن يتغير المناخ بطرق غير متوقعة.. بالإضافة إلى ارتفاع مستويات البحار، ويمكن أن يصبح الطقس أكثر تطرفًا، وهذا يعني المزيد من العواصف الكبرى الأكثر حدة، والمزيد من الأمطار يليها فترات جفاف أطول وجفاف (تحد لزراعة المحاصيل)، والتغيرات في النطاقات التي يمكن أن تعيش فيها النباتات والحيوانات، وفقدان إمدادات المياه التي تأتي من الناحية التاريخية من الأنهار الجليدية….، هذه المتغيرات ستجعل من الاستثمار في الطاقات البديلة خياراً لابد منه، وذلك من أجل الحد من إنبعاث الغازات من اختراق المواد الطبيعية.