صيغة الشمري
أغلبية الشعب السعودي تابع بتركيز كبير المقاطع التي انتشرت في جميع وسائل التواصل الاجتماعي حول حوار دار بين طالب في الجامعة ومديرها؛ لينقسم الرأي العام حول هذه الحادثة بين فريق مدافع، وفريق مهاجم، وقلة ممن أدلى بدلوه بشكل محايد، وطرح رأيه من منطلق المصلحة العامة. وهذه من سلبيات الدنيا الكثيرة التي ورطتنا بها وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ أصبح الكل يعلق، والكل يبدي رأيًا دون حسيب أو رقيب في غياب تام للمسؤولية الاجتماعية التي تجبر كل شخص على أن يزن الموازين بميزان العقل والحكمة بعيدًا عن الاستسلام للفكرة اللحظية، أو الاهتمام بالتأثير السلبي الذي يسببه طرح رأي متشنج دون روية، أو محاولة قراءة الموضوع من جميع جوانبه. صب الكثيرون جام غضبهم على مدير الجامعة لرده المتشنج رغم كمية الصدق الذي فيه، وتعاطفوا كثيرًا مع الطالب الذي هو بالفعل يستحق التعاطف وهو يقف حائرًا ومجبرًا على أن يسمع جوابًا قاسيًا من مدير جامعة، يعايره بأنه أتى إلى جامعة شقراء؛ لأن هناك جامعات كبرى لم تقبل به، متناسيًا مدير الجامعة الوقور أنه يقلل من شأن جامعته قبل أن يقلل من شأن طالب هو تحت إدارته. وقد تكشفت حالة الغضب التي عبَّر بها المدير وأجاب عن طالب يتساءل عن وضع واقع لم يبالغ فيه أو يكذب. وأكثر ما يحز في النفس هو الحكم المسبق الذي أطلقه مدير الجامعة بأن سؤال الطالب يعتبر من العنصرية، رغم أن الطالب لم يطالب بطرد الأجانب أو حتى يأتي بأي كلام ينتقص منهم بل كل ذنبه أنه تساءل عن عدم وجود سعوديين، وهو بالنهاية طالب، تحدث في حرم جامعي، ولا يزال يتعلم. ورغم علمي أن المدير شكر الطالب بنهاية الحديث، وامتدح أطباء شقراء، إلا أن الهاشتاقات التي صاحبت القضية كشفت عن الكثير من الحقائق التي تضع الكرة في مرمى من يهمه تطوير التعليم الجامعي في بلادنا، التي نتمنى أن تبنى على معادلة لجعل الطالب هو العنصر الأهم من أجل الوطن، ولا يجب النظر للجامعة كمنشأة وظيفية. لا يجب أن نسعى لتجريم مدير الجامعة أو الطالب، بل يجب أن يكون هدفنا هو معالجة هذا الخلل من أساسه، وهو ما يقتضي أن يكون توظيف محاضري الجامعات عن طريق جهة متخصصة في التعليم العالي؛ لأن ترك هذا الموضوع للجامعات ومديريها سيؤثر بهذه الأمور الشخصية والتوجهات والقناعات. أعتقد جازمة بأنه حان وقت مثل هذا القرار!