فهد بن جليد
وضع (الكمامة) على الفم (موضة) تنتشر حاليًا بين الشباب في البلدان الصناعية شرق آسيا تحديدًا، ليس الهدف منها كما نعتقد الوقاية من الإصابة بالأمراض أو الخوف من نقلها، بقدر ما هو تعبير من هؤلاء عن عدم رغبتهم في (التواصل اللفظي) المباشر مع الآخرين. مع تزايد وتعلق صغار السن بوسائل التواصل الاجتماعي للتخاطب والتعبير قد تصل إلينا هذه الموضة يومًا ما، فهل نحن مستعدون لتقبلها؟ ضمن بلدان وثقافات أخرى تتأثر بسرعة, وتعاني من تزايد وتفضيل التواصل الرقمي والإلكتروني - كأيقونة عصرية - على حساب التواصل الشخصي التقليدي.
كتبت هنا سابقًا عن أمر غريب، لاحظته في صفوف كثير من الشباب في مجتمعنا الذين لا يجيدون التعبير اللفظي أو التحاور معك بشكل مباشر, بذات قدرتهم الفائقة وتمكنهم المبهر عند استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصًا في مسائل العلاقات والنقاش والحوار في المناسبات الاجتماعية، أو حتى تعليقهم على موضوع يتم طرحه بحضورهم. هذه قضية تستحق العناية والاهتمام من الباحثين. علاقات الكبار هي الأخرى على المحك؛ فمثلاً قد يراك جارك تحاول إصلاح سيارتك ولا يعيرك أي اهتمام، بينما سيسارع ويبادر ليعلق على (صورة سيارتك) لو نشرت على حسابك أنها متعطلة, ويعلن تضامنه الكامل معك، ويغرقك بالمشاعر الجميلة, واستعداده لتقديم المساندة والمساعدة! وعلى هذا يمكنك قياس الفرق في المشاعر بين المكتوب, وما في الواقع.
في شهرَيْ (مارس وإبريل) الماضيين قال 32 في المائة من المراهقين وصغار السن حول العالم إنهم ما زالوا يفضلون التواصل والتحدث مع الأشخاص مباشرة، وبشكل طبيعي، ويحتفظون بهذه الميزة, بينما النسبة الأكبر يرون أن التحدث والتحاور عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي هي طريقتهم المثلى، وفقًا لدراسة استقصائية، قامت بها Common Sense Media؛ الأمر الذي ينبئ بأننا مقبولون في المستقبل على تحول رقمي (شبه كامل) في علاقاتنا, وكأنها (لعنة) التقنية التي تهدد الإنسانية؛ لتغير من طبيعة البشر والمجتمعات؟
وعلى دروب الخير نلتقي.