إبراهيم عبدالله العمار
من أشهر الكتب التي درست الطبيعة البشرية كتاب «التأثير» للعالم النفسي روبرت تشالديني؛ إذ وضع فيه 6 طرق يستخدمها البشر؛ ليؤثروا على بعضهم، منها ما يسمى «الدليل الاجتماعي»، ويعني أننا ننظر رغمًا عنا إلى ما يفعله الناس كدليل على صحة الشيء.
مثلاً: ننظر إيجابيًّا إلى سلعة يشتريها الكثير، وكأن هذا دليل على جودة المنتج؛ لهذا لا تستغرب لو رأيت بعض الدعايات أو بعض الباعة في المحال وهم يحثونك على شراء منتجاتهم زاعمين أن المنتج من أسرع البضائع مبيعًا، وأنه حاصل على رضا الكثيرين.. فإن إقبال الناس على سلعة ليس معيارًا لجودتها.
الدليل الاجتماعي يمكن أن يُستخدم في الخير أيضًا؛ فالطفل الانطوائي إذا رأى مقطعًا مرئيًّا فيه أطفال واقفون بعيدًا، يرقبون غيرهم يلعبون، ثم يمشون تجاههم، ويلعبون معهم، فإن هذا كافٍ ليحثه على أن يخرج من عزلته، كما أظهرت تجارب.
هذا المبدأ مفيد أيضًا لتربية المراهقين، فبالرغم من أنه عُرف عنهم المخالفة والاعتراض على الأعراف إلا أنهم أشد الناس تقليدًا، طالما كان المقلد شخصًا ليس من أبويه! لهذا فإن النشرات والملصقات الإرشادية التي تحاول حثهم على تجنب التدخين - مثلاً - تأثيرها محدود، لكنه أقوى لو أتى من فتى آخر في عمره نفسه. لوحة إرشادية معلقة في مدرسة تذكر أضرار التدخين قد لا تنفع كثيرًا، ولكن قصة فتى سببت له السجائر أضرارًا تنفع أكثر بكثير، خاصة إذا قُرنت بالصور.
إن الدليل الاجتماعي من القوة بمكان، حتى إن أخبار انتحار المشاهير في الغرب ترتبط دائمًا مع قفزة ضخمة في انتحار الناس! الذين يئسوا من الحياة ولكن ترددوا في قتل أنفسهم ينظرون لهؤلاء الفنانين المنتحرين، ويشعرون بنوع من التأكيد، فإذا رأوا غيرهم فعل ذلك أقدموا هم وقتلوا أنفسهم!
البشر يتأثرون بغيرهم.. حتى في أمور الحياة والموت!