د. محمد عبدالله الخازم
هناك حاجة لإعادة ترتيب الأجهزة ذات العلاقة بالإسعاف والإغاثة، والتفريق بين ما هو أهلي وما هو حكومي. هيئة الهلال الأحمر السعودي بوضعها الحالي لديها مهمتان مزدوجتان، يجب الفصل بينهما: مهمة الإسعاف، ومهمة الإغاثة والأعمال الإنسانية بصفة عامة. نركز هنا على الجانب الإغاثي؛ إذ كانت هيئة الهلال الأحمر الجهة الإغاثية التي تمثل السعودية دوليًّا؛ باعتبارها عضوًا في المنظمات الدولية ذات العلاقة، وملتزمة بقانون جنيف الدولي المنظم للأعمال الإغاثية والإنسانية العالمية. وأبرز مكونات ذلك القانون هو حماية الهيئات الإنسانية، كالهلال الأحمر والصليب الأحمر، والسماح لها بالتدخل لغرض الأعمال الإغاثية والإنسانية في مواقع الصراعات الدولية كمناطق الحروب بين الدول؛ باعتبار أعمالها إنسانية بحتة، وكونها منظمات مستقلة عن أي نشاط سياسي أو عسكري.
هيئة الهلال الأحمر بدأت في الأساس كجمعية أهلية للإسعاف، وتأثرت كغيرها من النقابات والعمل الأهلي في فترة لاحقة بالتغيير الفكري الذي حصل بالمملكة، وتم فيه إلغاء النقابات وكثير من مؤسسات العمل الأهلية، وتحويل بعضها إلى حكومي. أنصح المهتمين هنا بقراءة تاريخ تأسيس الجمعية على موقع هيئة الهلال الأحمر السعودي؛ فهو يحوي سردًا تاريخيًّا جميلاً للهلال الأحمر منذ بدايته كجمعية إسعاف أهلية حتى تحوُّله إلى هيئة حكومية للهلال الأحمر. جمعية الإسعاف الخيرية بدأ نشاطها الإنساني إبان حرب السعودية واليمن، وتحديدًا عام 1353هـ. والآن، ومع الجهود التي تبذلها المملكة في إغاثة الأشقاء باليمن، برزت مؤسسة إغاثية حكومية جديدة، ألا وهي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية!
الآن، وفي ظل نمو مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، نحن أمام خيارَيْن: إما أن يكون مركز الإغاثة ذا مهام محدودة بالصراع القائم في اليمن، وليس مركزًا دوليًّا دائمًا؛ وبالتالي تبقى هيئة الهلال الأحمر مسؤولة عن أعمال الإغاثة والأعمال الإنسانية ذات العلاقة خارج اليمن. وهذا الخيار لا يبدو واردًا من خلال امتداد عمل المركز إلى خارج اليمن.
الخيار الثاني يتمثل في اعتبار مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذراع الرسمية للعمل الإغاثي السعودي؛ وبالتالي إلغاء مهام هيئة الهلال الأحمر الحكومية في مجال الإغاثة والأعمال الإنسانية الدولية؛ باعتبار المركز سيتولاها؛ وهذا سيترتب عليه إعادة تعريف الهلال الأحمر وفق أحد الخيارات الآتية:
1- جعلها هيئة معنية بالإسعاف على المستوى المحلي فقط بالاسم نفسه. ولست متحمسًا لهذا الرأي.
2- إلغاؤها، وإعادة هيكلة منظومة الإسعاف والإنقاذ، سواء بخصخصتها، أو دمجها مع الإطفاء، وإعادة تعريف مهام الدفاع المدني.
3- السماح بتأسيس جمعية/ هيئة أهلية للهلال الأحمر (بديلة للهيئة الحكومية)، تمثل المملكة في المنظمات التطوعية العالمية ذات العلاقة، وتكون ذراعًا أهلية، تساعد الذراع الحكومية (مركز الملك سلمان للإغاثة) في الأعمال الإنسانية والإغاثية.
هذا المقترح سبق أن طرحته عند تأسيس مركز الإغاثة، وأكرر الخشية من إضعاف هوية العمل الإغاثي السعودي الحكومي على المستوى الدولي بازدواجية مؤسساته.
الخلاصة هي اقتراح إلغاء هيئة الهلال الأحمر الحكومية؛ إذ بديلها مركز الإغاثة، وإعادة هيكلة الإسعاف والإنقاذ، وتأسيس جمعية أهلية للهلال الأحمر.