محمد سليمان العنقري
رغم بلوغ مخصص قطاع التعليم 19.6 % من ميزانية الدولة للعام الحالي، أو ما يعادل 192 مليار ريال؛ ليكون أكبر قطاع يستحوذ - ومنذ سنوات طويلة - على النسب الأعلى بمخصصات الميزانية بين القطاعات كافة، إلا أن ذلك لم يمنع أن يبدأ العام الدراسي ويمضي نحو أسبوعين منه دون استلام طلاب المرحلة الثانوية «نظام المقررات» كامل كتب المناهج. وقد تم تسليم بعض الكتب، لكن بعد مضي قرابة عشرة أيام على بداية العام الدراسي، وبقيت مجموعة من الكتب لم يتم تسليمها، هذا إضافة إلى ما نقلته بعض وسائل الإعلام من تأخر ببعض أعمال الصيانة في مدارس تتبع الوزارة، وهي أخبار تكررت حتى في العام الماضي وما قبله.
فالإمكانيات التي تتوافر لقطاع التعليم بفروعه كافة (عام وعالٍ ومهني) من قِبل الدولة هائلة، وتم توفير بنية تحتية ضخمة على سنوات طويلة، وخصوصًا في آخر 15 عامًا، إضافة إلى رصد ميزانيات إضافية لتطوير التعليم، لكن ظهور مثل هذا القصور بتأخر استلام الكتب للطلاب، وأي تجهيزات أخرى لم تستكمل قبل بداية العام الدراسي رغم العطلة الصيفية الطويلة، يضع أسئلة ملحة حول كفاءة الإنفاق في وزارة التعليم، وكذلك كفاءة تشغيل الإدارات اللوجستية والخدمية فيها، وما هي المعوقات التي تواجههم رغم توافر الدعم المالي والمعنوي الكبير من الدولة.
فالتعليم هو رأس الحربة، والقائد في تنافسية الدول بالمجالات كافة، وخصوصًا الاقتصاد.. والمملكة تضع رفع تنافسيتها دوليًّا باقتصادها من أهم أهدافها؛ فرؤية 2030م تركز على تنمية رأس المال البشري، وتعتبره الثروة الأهم والحقيقية للوطن مع وجو 70 % من السكان دون سن 30 عامًا، أي أن المجتمع فتي، وهذه ميزة لا بد من استثمارها، وخصوصًا بالتأهيل والتعليم؛ ولذلك وفرت الدولة آلاف المدارس وعشرات الجامعات ومئات المعاهد والكليات التقنية بالمناطق كافة لكي يكون شباب الوطن جاهزين لقيادة التنمية المستدامة المنشودة، وإدارة المشاريع العملاقة التي أطلقتها الدولة ضمن مبادرات وبرامج الرؤية، مثل «مدينة نيوم» وغيرها من المدن الاقتصادية والترفيهية، والمشاريع الضخمة في الصناعات البحرية والتحويلية، وغيرها.
فركيزة نجاح هذه المشاريع هو أن تدار من قِبل المواطنين بعد تعليمهم وتأهيلهم؛ لذلك فإن دور وزارة التعليم وما يتبع لها من قطاعات يُعد محوريًّا بنجاح العديد من أهداف الرؤية.. فالنظرة هي لما ستطوره الوزارة وقطاعاتها من برامج ومناهج، وما تضيفه من وسائل لتعليم وتأهيل أكثر من 7 ملايين طالب وطالبة بالمراحل كافة من أبناء الوطن؛ ليكونوا جاهزين لرفع تنافسية المملكة اقتصاديًّا، والانتقال نحو العصر الجديد، عصر الذكاء الصناعي واقتصاد المعرفة والتوسع بالطاقة الاستيعابية بالاقتصاد، لا أن تتكرر بعض الجوانب الغريبة من تأخرٌّ باستلام الكتب المدرسية أو جاهزية المنشآت التعليمية لاستقبال الطلاب.. وبمعنى آخر: تنظيم وتكامل البيئة التعليمية للطالب والمعلم حتى تتحقق الأهداف المطلوبة لتقدم المملكة بالمجالات كافة.
نقدر دور وزارة التعليم وما تبذله من جهد سنويًّا لرفع مستوى التعليم، لكن معالجة بعض أوجه القصور التي قد تؤثر في البيئة التعليمية مسألة في غاية الأهمية؛ وتتطلب إعادة نظر بهيكلية عمل الوزارة وإداراتها الضخمة؛ فلديها عدد كبير من الوكالات، وأكثر من 40 مديرية تعليمية بمختلف مستوياتها الإدارية، لكن كل ذلك لم يمنع ما ظهر من قصور ببعض الأعمال مع بداية العام الدراسي. والغريب أن الوزارة ألزمت الإداريين بالمدارس بالدوام مبكرًا هذا العام دون أن يفيد ذلك بتجاوز أي أخطاء أو قصور في التشغيل مع بداية العام الدراسي!