فهد بن جليد
كل مرة أترك فيها مسافة نظامية بيني وبين المركبة التي أمامي, يأتي فضولي من المسار المُجاور ليستغل هذه المساحة ويحشر أنف سيارته بقصد التحول إلى المسار الآخر, وكأنَّه تطبيق عملي لبيت أحمد شوقي (وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا), هذه السلوكيات الغريبة كانت محدودة سابقاً, يحترفها (شريحة) من السائقين الشباب, ولكن هذه الأنانية تتنامى شيئاً فشيئاً حتى عند السائقين غير السعوديين, بل وصل الأمر إلى سيارات الخدمات والتوصيل ونقل العمالة, فالكل يملأ (أي فراغ) تتركه بينك وبين المركبة التي أمامك في لمح البصر, ما يجعلنا في حِيرة من أمرنا وسط الزحام: هل نلتزم بأصول القيادة السليمة والصحيحة وتعليمات المرور, ونترك مسافة كافية بين المركبات؟ أم ندخل معركة صراع (حارة كل من أيده إله) مع غياب الردع الكافي للحد من هذه السلوكيات؟.
سعدنا بوجود الرصد الإلكتروني عبر كاميرات المُراقبة, وإعلان المرور ضبط المشهد في الطريق وسلوكيات مُستخدميه, أنا شخصياً كنتُ أراهن على اختفاء مثل هذه الظاهرة من شوارعنا مع تسجيل أول مُخالفة آلية, أو تراجعها على الأقل كما حدث مع نظام ساهر والسرعة, ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث, في ظني أنَّ الرسالة الإعلامية لرصد هذه المُخالفات وأعدادها لم يشعر بها قائدو المركبات الذين يُمارسون هذا النوع من السلوكيات الخاطئة, ما يتطلب مزيداً من الجهد الإعلامي, فما لا تُحققه التوعية حتماً يضمنه الردع الصارم والجاد بقوة النظام.
المُضحك المُحزن هنا, أنَّك عندما تضطر -اضطراراً- لتحوُّل من مسارك إلى مسار آخر بطريقة نظامية وباستخدام مُنَّبِه الإشارة, فإنَّ صاحب المركبة التي خلفك - عادة- يستشيط غضباً, ويشعر أنَّك تعتدي على حق من حقوقه, فيستخدم المُنَّبِه, أو الأضواء الأمامية, وقد يزيد من سرعة مركبته لمنعك -عكس- ما يحدث من قبول بالأمر الواقع من المُتجاوز الخاطئ, هنا ينطبق عليك -هذه المرة- قول أبو نوره: في زحمة الناس (صعبة حالتي) فجأة اختلف لوني و(ضاعت خطوتي)!.