في القلب نبضة لا تتبدل، وفي الذاكرة صورة لا يمكن للزمن أن يمحوها.. هكذا نحن عندما نمر بمرحلة في حياتنا، لا يمكن نسيانها. تبقى معنا، وتنمو كنخلة لا تثمر إلا بعد غرسها بسنوات. تطل علينا الذكريات كلما توشحنا النسيان، وترفض أن تغادر إلا بعدنا.
الذكريات المؤلمة هي من تحفر في الذاكرة مكانها، والذكريات السعيدة تمر كما الماء في جوف الظمآن، تطفئ لهيب عطشه، وتتركه بعد ذلك ما بين عطش وارتواء.
طي الصفحات مثلما يردد البعض هو ضرب من الخيال، كما أن تمزيقها مهمة مستحيلة؛ لأن ما مضى من العمر رحلة نحن مسافروها، نحن من حملنا حقائب الانتظار، ومسحنا عرق التعب من بين عقارب ساعة الوجع.
الحياة لا تعطي ولا تأخذ، هي فقط توزع ما كُتب كساعي البريد الذي لا مهمة له إلا فرز الرسائل وإيصالها إلى عناوينها.
أنظر إلى الأرض الآن من ارتفاع شاهق وكأني بنفسي في حضن الغيم أغني للحياة أن تلطفي بنا، لا ترمي الرسائل في الصناديق على عجل، بل مديها بلطف، واسمحي لنا بأن نقرأ على مهل؛ فإن القلوب التي حملت الكثير لم تعد تطيق أكثر..
كتبتها من فوق سلمى.. وما سلمى ببعيد..!
** **
- بدرية الشمري