محمد عبد الرزاق القشعمي
1 - القلم:
عرف شعوب العالم القديم شكلاً بدائياً للأقلام منذ العام 4000 ق. م صنعت من الأعواد والقصب المجوّف، تكفي تجاويفها لقدر محدود من المداد. ومن القرن السادس قبل الميلاد، بدأوا باتخاذ أقلامهم من ريش الأجنحة لطيور الأوز والبجع، فكانوا يلجأون إلى تقوية قصبة الريشة أولاً ثم يقطعون طرفها الأسفل ويشقونه كي يصبح صالحاً للكتابة، ومن ثَمّ أخذ هذا النوع من أدوات الكتابة اسم أقلام الريشة وانتشر استعماله حتى القرن التاسع عشر الميلادي عندما تم تطوير أسنة الأقلام التي صنعت مقدمتها من الفولاذ.
وتقول المؤرّخة ألبرتين جور إن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي أمر بأن يصنع له قلم يحمل حبره وينساب إلى ريشته ذاتياً عند الكتابة بحيث لا تتسخ ملابسه عند حمله، فصنع له قلماً بهذه المواصفات من الذهب الخالص، وبذا يكون هو المخترع الأول لقلم الحبر السائل، وكان ذلك في أواسط القرن العاشر الميلادي.
والقلم أداة للكتابة، كان يتخذ قديماً من أعواد الخيزران والقصب أو الريش، وللعرب آداب وتقاليد في بري القلم وطريقة الاحتفاظ به. كان ولا يزال، لكل نوع من الخطوط قلم خاص يقتضي قطعاً وبرياً مميزاً، ويعتبر القلم عند المسلمين رمزاً للخدمات المدنية، كما هو السيف رمزاً للخدمات الحربية.
وقد أقسم الله به في القرآن فقال: {ن والقلم وما يسطرون}.
ويُقسّم القلم في الوقت الحاضر إلى عدة أنواع أساسية من أقلام الحبر وهي: (1) أقلام الحبر الجاف، (2) أقلام الحبر السائل، (3) الأقلام لينة السن، (4) الأقلام دوارة السن، (5) أقلام الأغراض الخاصة.
ومن الأقلام التي يرجع تاريخها إلى العهود اليونانية والرومانية القديمة أقلام الرصاص، وهي تعد من استعمال شرائح صغيرة من فلز الرصاص، لرسم سطور مستقيمة باهته على أوراق البردي ليستعين بها النساخون في كتابتهم.
وقد عمّ استعمال الرصاص والفضة إبان العصور الوسطى في شكل قضبان رفيعة للرسم. ولم تكتشف فعالية الجرافيت في وضوح خطوطها إلا خلال القرن السادس عشر الميلادي. إلا أن أول قلم رصاص بمفهومه العصري - أي حشوة جرافيت بغلاف خشبي - لم يصنع إلا في العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر.
ويتم تجهيز مادة الجرافيت المعدة لصناعة الأقلام في شكل قضبان رفيعة تشبه المعكرونة الإسباجيتي، وتقطع وفق مقاييس مضبوطة وتجفف في مواقد حرارية... وتغلف معظم أقلام الرصاص بخشب شجرة الأرز الناعم الذي يسهل بريه ولا تتغيّر استقامته بالالتواء.
وقد قام المجري لا زلو بايرو بتسجيل براءة اختراعه للقلم الجاف - ذي السن المكورة - بعد أن أصبح صالحاً للإنتاج التجاري. وخلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م) فضل الطيارون استعمال أقلام بايرو لأنها لا ترشح تحت ظروف الطيران المرتفع، ونالت أقلام بايرو شهرة واسعة.. وأقلام التلوين تتكون من قطعة من الشمع الملون على شكل قلم رصاص، تسمى أقلام الرصاص الملونة والطباشير الملون.
أما الموسوعة العربية الميسرة فتذكر أن القلم يتخذ من الغاب، وتنمو أحسن أنواعه في وسط وبطائح العراق، وللعرب، آداب وتقاليد مدونة في بريه، والاحتفاظ به، وكل خط من خطوطهم يستلزم برياً وقطعاً خاصين.
ويطلق أحيانا على سورة (ن)، سورة القلم، وتفسر بأن القلم أول ما خلق الله، فهو هبة الهية، أو هو قلم من النور ما بين السماء والأرض، ودوّن كل ما يحدث إلى القيامة.
أما قلم الرصاص فقضيب رفيع من الجرافيت، محفوظ داخل غلاف من الخشب، وقد تضاف مادة أخرى طينية للحصول على درجة مختلفة من الصلابة. وتصنع الأقلام في عدة ألوان باستخدام مجموعة أصباغ مخلوطة بالطين والشمع ومواد أخرى.
2 - الحبر:
استخدم قدماء المصريين والصينيون الحبر منذ وقت قديم، لا يقل عن سنة 2500 ق. م. وكانوا يصنعون أحبارهم من مختلف المواد الطبيعية؛ مثل ثمر التوت، ولحاء الشجر، وزيت بذر الكتان، والسخام. أما الأحبار التي عُرفت قبل ذلك فكانت تصنع من العفصة التي تنمو في أشجار البلوط، وطورت آلاف من التركيبات الخاصة بصناعة الحبر عبر القرون، أما اليوم فإن معظم الأحبار تصنع من مواد تركيبية كيميائية.
والحبر سائل ملون، أو مسحوق أو عجينة، يستخدم للكتابة والرسم والطباعة. وهناك آلاف من أنواع الحبر، ويستخدم الكثير منها في طباعة الصحف والمجلات أو الكتابة بأقلام الحبر الجاف أو أقلام الحبر السائل، وتستخدم صناعة الطباعة قدراً من الحبر - وأنواعه - أكثر مما تستخدم أي صناعة أخرى.
وتستخدم معظم أقلام الحبر - باستثناء أقلام الحبر الجاف - حبراً سائلاً إلى حد كبير، وعلى سبيل المثال فإن الحبر في قلم الحبر السائل يجب أن يكون قابلاً للسيولة بسهولة عبر نظام من الأنابيب الضيقة التي تمتد من مخزن حبر القلم إلى ريشة الكتابة.
ويحتوي معظم حبر أقلام الحبر السائل على مركبات الحديد الممزوجة بحمض التنيك المذاب في الماء. والحبر السري سائل يستخدم للكتابة من أجل سرية الاتصال، وتكشف الكتابة السرية بتعريضها للحرارة أو لمواد كيميائية معينة، ويمكن استعمال الحليب أو مصل اللبن أو محلول السكر أو أي عصير نباتي عديم اللون حبراً سرياً، وهذه السوائل تصبح بنية اللون عندما تعرض لحرارة لا تبلغ من الشدة درجة تسبب إتلاف الورقة. ويستطيع العلماء كشف الكتابة السرية بسهولة، وغالباً ما تكشف عملية التصوير بالأشعة تحت الحمراء أو فوق البنفسجية الحبر السري( ).
أما الموسوعة العربية الميسرة فتقول أن الحبر عرف بالهند والصين فهو يصنع من السخام أو أسود العاج مع الصمغ أو الغراء، والذي يرجع تاريخه في الصين إلى حوالي 1200 ق. م، وهو حبر أسود لا يتغير، والحبر الأسود القياسي المحتوي على حمض التانيك، والذي ربما عرف في القرن الثاني هو أكثر شيوعاً في الاستعمال من السابق لسهولة انسيابه عنه، وتستعمل أصباغ الأنيلين عادة في الأحبار الملونة.
وقالت عن الحبر الثابت الأكثر شيوعاً هو محلول ذرشادري لملح من أملاح الفضة، يبرز المكتوب به ويثبت بتعريضه للحرارة أو الضوء.