سعود عبدالعزيز الجنيدل
قد تظن أن بعض الأشخاص الذين يقومون بتصحيح ما يكتبه الآخرون مزعجين، ويعانون من علل مرضية، تفقدهم أصدقاءهم، إذا كنت من بين هؤلاء الذين يظنون ذلك، فلا تقلق، فرأيك صواب.
يقول البروفسور: DENNIS BARON أستاذ اللغة الإنجليزية واللغويات في جامعة إلينوي» إن الذين يقومون بتصويب أخطاء الآخرين اللغوية يعانون من أحد اضطرابات الوسواس القهري «OCD» obsessive-compulsive disorder» يطلق عليه الباحثون: متلازمة التحذلق النحوي: «GPS « Grammatical Pedantry Syndrome».. وهذا ناتج عن فيروس يدعى «FOXP2 gene».
وناقش البروفسور هذا المرض في مقال رائع، يمكن للقارئ الرجوع إليه للاستزادة من المعلومات القيمة التي ذكرها البروفسور.
أما بالنسبة لي فسأسلط الضوء على هذا المرض من وجهة نظر تشخيصية، مستخدماً مشرط النقد الذي قد يزعج البعض.
هذا المرض أراه كثيراً متفشياً في المجتمع خصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي، سواء في التويتر أو الواتس آب... إلخ. فترى الشخص المريض لا يفتأ يصوب لهذا، ويعلق على كتابة ذاك، مستخدماً معرفته اللغوية، في تبيين آرائه، وفي بعض الأحايين يسرد القاعدة التي تدلل على كلامه!.
والمشكلة تكمن من وجهة نظري في عدة نقاط:
- هذا الشخص لا يفكر في ما طُرح من قبل الآخرين، بل يتوقف عند حدود اللغة، فبالتالي لا يستفاد منه كثيراً في ابتكار أو تطوير فكرة ما.
- لا يفرق المريض بهذا الداء بين النقاش أو الكلام بين الأصدقاء والزملاء بشكل ودي، وبين الكتابة الرسمية.
- يرى المصاب بهذا المرض أن تدقيقه، وتصويبه لأخطاء الآخرين، مهم، لا يقدر عليه إلا قلة من الناس، وهو أحدهم.
- يظن هذا المريض أن مستواه المعرفي أفضل بكثير من مستوى أقرانه، وهذا نوعاً ما يشبع غروره.
ويمكن القول إن المصابين بهذا المرض يعانون من عدم تقبل الآخرين لهم، لكونهم لا يتفاعلون مع النقاشات، والأفكار المطروحة، ولقد رصدت عدة أمثلة لأشخاص مصابين بهذا المرض «متلازمة التحذلق النحوي»:
المثال الأول: شخص يرسل التهنئات بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، فترى الشخص المريض يعلّق على الأخطاء النحوية والإملائية.. ويعدلها، وينسى الأمر الواجب، والمحتم عليه فعله، وهو رد التهنئة بالمثل.
المثال الآخر: مجموعة من الزملاء مشتركون في برنامج التواصل الشهير «واتس أب»، يتناقشون في قضايا معينة، وكل عضو يدلي بدلوه في هذه القضايا، ليخرج لهم المصاب بمتلازمة التحذلق النحوي، مصوباً لغويا بعض الكلمات التي جاءت ضمن مقترحات الزملاء! من دون أن ينبس ببنت شفة في ما طلب منه فعلياً، وهو طرح الآراء والأفكار!.
وختاماً أوجه نصيحة للمصابين بهذا الداء، للتخلص منه:
- الإقرار بهذا المرض، والاعتراف بأنك مصاب بـ» متلازمة التحذلق النحوي».
- تجنب تصحيح ما يكتبه الآخرون، ومشاركتهم ما يطرحونه، والتفاعل معهم.
- يجب عدم نسيان القاعدة التي تقول: «لكل مقام مقال» فالكلام الودي» السوالف العامية « لا تحتمل تطبيق القواعد اللغوية، وكأنها نص أكاديمي.
- استخدم مهاراتك اللغوية في الكتابات الرسمية أو الكتابات الأكاديمية، أو المؤتمرات العلمية... إلخ.
- كنتُ شخصياً مصاباً بهذا الداء، وتطلب الأمر مني إصراراً وجهوداً مضنية حتى شفيت تماماً منه.