علي الخزيم
توجَّه التلميذ الصغير للمدرسة صباح أول يوم دراسي مزهواً بحقيبته المدرسية ولم يُلق بالاً لعبارة كانت مكتوبة على وجه الحقيبة وقد تم طمسها، إلاّ أن صغاراً بالمدرسة لفتوا انتباهه يسألونه عن المطموس فلم يُحْرِ جواباً، وحين عودته للمنزل ألحَّ على ذويه لمعرفة الشيء المطموس ليشبع فضول أقرانه التلاميذ الصغار، احتار الأهل بماذا يجيبون؟ فكان الأنسب بأنها صورة لا تليق بالمدرسة، بينما الواقع أنها عبارة تدل على الجمعية الخيرية التي تبرعت بالحقيبة للفقراء والأيتام!
يؤخذ على بعض الجمعيات الخيرية أنها تصر على وضع شعارها واسمها على ما تقدمه من تبرعات للمحتاجين، ويحتج بعضها بأنه منعاً لبيع تلك المواد العينية من بعض من تقدم لهم لأي سبب كان، إلا أن القرآن الكريم وما جاء به المصطفى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم -وهو متمم الأخلاق- ينهى عن قهر اليتيم وجرح مشاعر المسكين المحتاج من طفل وأرملة ونحوهم، ومع يقيني بأهمية توفر الجمعيات الخيرية ودعم المتبرعين لها؛ إلا أن الأهم حسن الإدارة والتنظيم ودراسة سبل تقديم التبرعات والتمحيص بجوانبها الإنسانية من قبل مختصين بهذا الشأن الهام جداً الذي قد لا ندركه مباشرة إلا إذا تأملنا مثل قصة الطفل الصغير وحقيبته المدرسية التي قدمت للأسرة وعليها اسم وشعار الجمعية، فهنا لا بد من وقفة إنسانية أمام جوانب أخلاقية قد تكون صدماتها عنيفة على عقل ومشاعر الصغار تلاحقهم بمراحل المراهقة وبشبابهم، ومنهم من تبقى معه حتى في كبره وتكون لها آثارها بتعامله مع المجتمع بمواقعه المختلفة.
قد يكون بكشوفات الجمعية إذا أحسنت إعدادها (بدقة وأمانة) ما يقنع المتبرعين ويطمئنهم على حسن صرف تبرعاتهم المادية والعينية، لكن ليس من حق الجمعية كسر نفوس المستفيدين من جميع أنشطتها بأي حال من الأحوال، أو اتخاذ أي إجراء من شأنه التشهير بهم، فمن كمال الأجر والمثوبة حفظ كرامتهم ورفع مقوماتهم الإنسانية.
الحديث عن الملف المدرسي لا ينتهي إذ إن كثيراً من المدارس لا تُفَعِّله أو تهتم به بدليل وقائع ملموسة حدثت وكان لها آثار سلبية كان يمكن تداركها لو تعاملت المدرسة مع حالات التلميذ والطالب بموجب المُدوَّن بملفه المدرسي كتاريخه المرضي وأوضاعه الأسرية وغيرها؛ فالذي يحصل أن المدرسة تحتج بأنها لا تعلم عن حالته، إذاً ما قيمة الملف المُخزَّن عندكم إلكترونياً أو ورقياً؟! والأعجب أن مدارس لا تتوفر لديها مثل هذه الملفات الطلابية سوى ما يتعلق بشهادة الميلاد والكشف الطبي لاجتياز قبول التسجيل بالمدرسة، ويدخل بهذه الحالات أوضاع التلاميذ الأيتام؛ فأرى أن يكون لهم معاملة خاصة تتم من قبل الجهة المختصة بالمدرسة، سواء بالبطاقات التعريفية أو ما يراه المختصون مناسباً مثل ما يتعلق بالفطور الصباحي بأن يكون مجانياً أو بسعر مخفض وبطريقة لا تجرح مشاعرهم بين زملاء الدراسة، وهكذا بطرق النقل المدرسي ونحوه بأن يكون للمدرسة بالتعاون مع إدارات التعليم والوزارة شأن ودور فعال بهذه الجوانب، فللتعليم قِيَمٌ تعلو على تلقين النصوص.