سمر المقرن
جهود المملكة في محو الأمية كبيرة جداً، وعظيمة جداً، ما أدى إلى تقلّص نسبة الأمية بشكل كبير، مع دعم وتحفيز كبار السن لمواصلة الدراسة وتقديم كافة الإمكانيات لهم مع تحفيزهم بالجوائز المادية والعينية. وبحسب الإحصائيات فإن نسبة الأمية انخفضت بنسبة 61% خلال تسع سنوات وهذه نسبة عالية جداً تؤكد على الجهود الحثيثة والنية الصادقة في القضاء على الأمية. هذا أمر مفروغ منه ولا نختلف عليه،
لكن ما أحزنني خبر إغلاق عدد من مدارس تعليم الكبيرات لمرحلتي المتوسط والثانوي في المدينة المنورة، وهذا يتعارض بشكل مباشر مع خطط المملكة التي تدعم العلم والتعليم، وبرامج وزارة التعليم المميزة والتي ساهمت بشكل مباشر في دعم تعليم الكبيرات. والمحزن أكثر أن هؤلاء النساء عدنَ مع فرحة بداية أيام الدراسة فوجدن مدارسهن خاوية بعد أن تم نقل الجهاز الإداري والتعليمي إلى مدارس مختلفة، ما ذنب هؤلاء النساء أن تُغلق أبواب التعليم في وجوههن، وما هي حيثيات مثل هذه القرارات المفاجئة؟!
ما أعرفه أن تعليم الكبيرات هو ليس فقط لكبار السن، بل إن هناك فتيات ضاعت عليهن سنوات التعليم فعدن للدراسة في هذه المدارس، وهذه المدارس هي مكانهن الصحيح للتسلح بالعلم والحصول على شهادة تحارب مكابد الحياة.
كنت شخصياً انتظر فتح المزيد من مدارس تعليم الكبيرات لا إغلاقها، فنحن بحاجة إلى العلم وإلى تشجيع النساء على التسلح بالعلم، وهذا فوائده ليس على الفرد نفسه وحسب بل على المجتمع برمته، لما للأمية أو عدم إكمال الدراسة من نتائج سلبية تعوق المجتمع وتعطل ثروة الاستثمار في الإنسان، كما لا يفوتني الإشارة إلى خطورة قلة الوعي والثقافة وزيادة الجهل وسيطرة الخرافات وهذا كلّه يقود إلى آثار سلبية على المجتمع!
بالأمس القريب في يوم 8 سبتمبر احتفل العالم باليوم الدولي لمحو الأمية، والذي يأتي هذا العام تحت عنوان: (محو الأمية وتنمية المهارات) بما يهدف إلى تحسين القدرات والمهارات لمواكبة سوق العمل، كنت أتمنى أن تكتمل فرحتنا في برامج دعم التعليم ورفع مهارات الدارسين في محو الأمية أو الدارسين الكبار الذين عادوا إلى مقاعد الدراسة بسبب ظروف إعاقتهم عن التعليم، لا أن يحتفل تعليم المدينة المنورة بهذه المناسبة بإغلاق المدارس في وجه الكبيرات!