يحتفل العالم هذا العام في 27 سبتمبر 2018م بيوم السياحة العالمي تحت عنوان «السياحة والتحول الرقمي».
ويعكس العنوان لهذه المناسبة هذا العام واقع الثورة التقنية، الذي أصبح له دور في تغيير أنماط التسويق السياحي والمهارات المطلوبة في وظائف قطاع السياحة، ولا شك أن كل ذلك يعكس دور وأهمية الاتصالات وتقنية المعلومات في التغيير.
ويعتبر اليوم العالمي للسياحة هذه المرة فرصة فريدة لزيادة الوعي بالمساهمة المحتملة للتقنيات الرقمية في تنمية السياحة المستدامة، مع توفير منبر للاستثمار والشراكات والتعاون من أجل قطاع سياحة أكثر شمولية ومسؤولية، وخاصة أن التطورات الرقمية تعمل على تغيير طريقة تواصلنا وإعلامنا وتحويل سلوكنا وتشجيع الابتكار وإستراتيجيات النمو المستدام الشامل والمسؤول؛ بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
وتعد السياحة أحد القطاعات الاقتصادية الأكثر قدرةً على دفع عجلة التنمية الشاملة، والمحرك الرئيس لتوفير فرص العمل، والحدّ من الفقر، ويجب أن نفهم بشكل أفضل التأثيرات الاقتصادية والمجتمعية والبيئية المتزايدة للتقنية والابتكار في السياحة.
إن قطاع السياحة المتطور رقميًا يمكن أن يحسّن روح المبادرة، وتمكين المجتمع المحلي، وإدارة الموارد بكفاءة، ضمن أهداف إنمائية مهمة أخرى.
لقد شهدت السنوات الأخيرة تحولاً رقميا واضحاً في نماذج العمل وسلوك المسافر والسائح والمستهلك بشكل عام، الذي كان نتيجة تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية، والتقدم التقني، وظهور منصات رقمية (والتي أصبح يشار إليها بالاقتصاد المشترك أو اقتصاد التشارك Shared Economy) بالإضافة إلى نظام تحديد المواقع الجغرافية وتوفر البيانات الضخمة.
في المقابل، تواجه السياحة عددًا من التحدّيات الاجتماعية والبيئية، بالإضافة إلى التحدي في فاعلية الإدارة لاستراتيجية التحول الرقمي التي لها الدور الرئيس في تلبية متطلّبات المسافر العصري وزيادة القدرة التنافسية.
ونظرًا إلى طابع السياحة الذي يمتدّ تأثيره على عدّة قطاعات، فإنّها تساهم أيضًا بنطاقها الواسع في تحفيز ريادة المشاريع ونمو المؤسّسات الصغرى والمشاريع الصغيرة والمتوسّطة الحجم إلى جانب الشركات الناشئة.
وحسب بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن يحدث التحول الرقمي في الطيران والسفر والسياحة إلى توليد قيمة مضافة لقطاع السياحة تصل إلى 305 مليارات دولار أميركي (خلال الفترة 2016-2025م) ونقل ما قيمته 100 مليار دولار أميركي من القطاعات التقليدية إلى المنافسين الجدد، وتوليد فوائد بقيمة 700 مليار دولار أميركي للمستفيدين: العملاء والمجتمع، وذلك من خلال التقليل من الأثر البيئي وتعزيز السلامة والأمن والتوفير في التكاليف والوقت بالنسبة إلى المستهلكين. كما أنه من المتوقع أن يشهد قطاع السياحة انتقالا صافيًا للوظائف الحالية، يقابله جزئيًا خلق فرص عمل تعتمد على مهارات العصر الرقمي الجديد، داخل وخارج منظومة السفر.
إن وجود السياسات والتدريب والإدارة المناسبة، من العوامل المهمة للابتكار واستحداث وظائف وفرص أعمال جديدة -من خلال التقنية والاستفادة من التحول الرقمي- وذات نوعية أفضل في السياحة، وتحقيق الازدهار للمجتمعات بشكل عام، والمساهمة في مستقبلٍ أكثر استدامة.
** **
بسمة عبدالعزيز الميمان - إدارة التعاون الدولي بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني