بحمد الله وتوفيقه ومنّه وكرمه انقضى موسم الحج الركن العظيم من أركان الإسلام انقضى بنجاح فريد أبهج النفوس وأفرح القلوب، موسم توافد فيه الملايين من ضيوف الرحمن توافدوا إلى بيته العتيق ملبين ومهللين ومكبرين جاءوا من كل فج عميق براً وبحراً وجواً تهفو أفئدتهم لأداء هذه الشعيرة العظيمة الحلم الذي ينتظرونه ببالغ الصبر وطول الانتظار مؤملين وواثقين بوعد الله للمخلصين المتبعين (انصرفوا مغفوراً لكم) وتسعد المملكة منذ توحيدها على يد المؤسس المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز، تسعد بأن خصها الله بشرف خدمة بيته الحرام وخدمة قاصديه من المعتمرين والحجاج فقدرت لهذا الشرف قدره وعملت منذ توحيدها على يد مؤسسها -رحمه الله- عملت على تهيئة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة بكل ما يسهم في راحة قاصديها في عمل لم يشهد له تاريخ الإسلام مثيل، واليوم وفي عهد الملك الصالح المبارك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- وولي عهده الأمين الأمير الشاب الطموح محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -وفقه الله- تتواصل مسيرة الاهتمام بضيوف الرحمن فالعمل لذلك لا يتوقف، فما يكاد ينتهي موسم الحج إلا وتبدأ اللجان المتخصصة عملها استعداداً لموسم الحج الذي يليه، جهود متواصلة ليلاً ونهاراً، مائتان وخمسون ألفاً من رجال الأمن والأطباء والممرضين والمهندسين والفنيين والمشايخ والدعاة والمفتين، ومثلهم من عمال النظافة والصيانة والمرشدين والمتطوعين، منشآت وخدمات وآلات ومعدات وتجهيزات بالمليارات، عناية فائقة بضيوف الرحمن أسود في الأرض تنظم وتحمي وصقور في الجو تراقب وتهدي، في جهد لا يعرف الكلل ولا يتسرب إليه الملل يتشرفون بخدمة إخوانهم الذين قدموا من كل فج عميق بسعادة بالغة تجسد معنى الأخوة الإسلامية في التواد والتراحم والتعاطف في أبهى صورة وأعظم مثال، مستشعرين شرف الزمان والمكان، يشرف على هذه الأعمال ويتابع هذه الجهود بشكل مباشر إمام المسلمين وخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، يتفقدون المشاعر قبل وأثناء وبعد نهاية هذا النسك العظيم يوجهون -حفظهم الله- ويؤكدون أهمية خدمة وفد الرحمن، مؤكدين أن ذلك واجب وشرف خص الله به هذه البلاد، وقيادتنا وشعب المملكة يتشرفون بأنهم خدام بيته وخدام قاصديه، فاللهم إنا نسألك باسمك العظيم, الذي إذا دعيت به أجبت, وإذا سئلت به أعطيت, وبأسمائك الحسني كلها ما علمنا منها و ما لم نعم, أن تحفظ لنا قيادتنا وأن تعينهم وتبارك بجهودهم وتكلل مساعيهم بالنجاح والتوفيق ونسألك يا عظيم أن تتقبل من الحجاج حجهم وأن تعيدهم سالمين قد خرجوا من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، ونسألك يا الله أن تجزي كل من ساهم في خدمة إخوانه الحجاج خير الجزاء وأوفاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلاة وتسليماً كثيراً ما تعاقب الليل والنهار وما طاف بالبيت العتيق من الحجاج والزوار والعمار.
خاتمة للشاعر أحمد شوقي:
رفعوا الأكف وأرسلوا الدعوات
وتجردوا لله في عرفات
شعثا.. تجللهم سحائب رحمة
غبرا.. يفيض النور في القسمات
وكأن أجنحة الملائك عانقت
أرواحهم بالبر والطاعات
فتنزلت بين الضلوع سكينة
علوية.. موصولة النفحات
وتصاعدت أنفاسهم مشبوبة
وجدا.. يسيل بواكف العبرات
هذي ضيوفك يا إلهي تبتغي عفوا
وترجو سابغ البركات
غصت بهم في حلهم ورحيلهم
رحب الوهاد وواسع الفلوات
تركوا وراء ظهورهم دنيا الورى
وأتوك في شوق وفي إخبات
وفدوا إلى أبواب جودك خشعا
وتزاحموا في مهبط الرحمات
فاقبل إله العرش كل ضراعة
وامح الذنوب.. وكفر الزلات
** **
- الزلفي