من أبرز خصائص قيادتنا الرشيدة، أنها قيادة تهتم بالمستقبل فمنذ تأسيسها على يد باني هذا الكيان الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وهي تسير وفق نظرة مستقبلية طموحة، وتستعد للمستقبل بفكرٍ مساره طويل المدى وتدابير إستراتيجية مدروسة. ولذلك أثمرت جهودها فيما وصلنا إليه اليوم من تقدم حضاري وتقني وعلمي وثقافي.
ومن صفات تلك التدابير الإستراتيجية النيّرة هو اهتمامها بالتعليم، فالتعليم ركن كل بناء حضاري وتنموي استهلالاً بالحضارة الصينية والبابلية والحضارة الإغريقية.
هذا الفهم العالي والإدراك العميق لأهمية التعليم، سرى في جسد المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، بتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم.
وما نحن عليه اليوم من تطور التعليم إلا حصاد ذلك الاهتمام من قبل القيادة الرشيدة، والتكوّم المعرفي والتحسين النوعي المستمر للمسار التعليمي على كافة المستويات، كالقيادة التعليمية والتجهيزات الأساسية والدعم اللوجستي والكوادر التعليمية والمناهج والخطط اللازمة، حتى وصلنا في وقتنا الحاضر إلى أفضل مستويات التعليم، وسندخل بمشيئة الله تعالى المنافسة العالمية في هذا المجال.
وحين يعتني وطننا في مناطقه ومحافظاته وقراه وهجره ببداية العام الدراسي الجديد فهو اعتناء وطني بامتياز.
فقد انتظم في العام الدراسي 1439-1440هـ أكثر من ستة ملايين طالب في المدارس الحكومية والأهلية والجامعات التي تتبع منهج وزارة التعليم، ورياض الأطفال وتعليم الكبار، وتم تجنيد أكثر من 500 ألف تربوي على مستوى مدارس المملكة.
كما أكَّدت وزارة التعليم بأنها ستبدأ خطواتها للتغيير مع مقتبل العام الدراسي الجديد متجهة نحو مواكبة التقنية والتطور التكنولوجي الذي عملت عليه بدءاً بتطوير بوابة التعليم الوطنية «عين» كأحد الإجراءات التي وضعت لتحقيق هذا الهدف لتسهم في التحول الرقمي المنشود في التعليم عبر تقديمها منظومة من الخدمات والحلول الإلكترونية مستهدفة جميع الطلاب والطالبات في المملكة ومعلميها وأولياء الأمور والقيادات التربوية والمدرسية بتقديم عدد من الخدمات التي يأتي أبرزها « المقررات الدراسية بصيغة إلكترونية، أدلة المعلمين وحقائب الأنشطة الصفية، إثراءات تعليمية ومواد مصاحبة، خطط درسك، بنك أسئلة إلكتروني، مجتمعات التعلم الافتراضية».
وستستمر الوزارة بالنظر للمناهج الدراسية أولى اهتماماتها إذ من المتوقع إطلاقها هذا العام خدمة ربط المناهج الإلكترونية لكل درس بباركود يساعد في فهم الدرس وشرحه للطالب حيث يحتوي كل درس على باركود خاص يتم تسليط كاميرا الهاتف المحمول عليه ليدخل إلى معلومات مفصلة عن الدرس بكل يسر وسهولة.
وضمن تطوير المناهج أوقفت الوزارة طباعة كتب النشاط للمرحلة الابتدائية ورحلت تدريباتها لكتاب الطالب تسهيلاً وتخفيفاً على الطلاب والطالبات، كما يأتي إقرار كتاب الدكتور غازي القصيبي «حياة في الإدارة» ضمن أولويات الوزارة خلال العام الجاري، وذلك باعتماده ضمن مناهج مادة المهارات الإدارية المقررة للمرحلة الثانوية.
وما تقدمه وزارة التعليم من جهود عظيمة في هذا المسار ما هو إلا تتويج لاهتمام قيادة هذا الوطن الرشيدة بهذا القطاع البالغ الأهمية في الحاضر والمستقبل.
فقد وجّه معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى كلمةً للطلاب قال فيها: «إن السباق اليوم هو سباق العلم والمعرفة والمهارة، سباق الإنتاج والعمل المثمر الخلاق، فالتنافس على المستوى الدولي يسير بشكل غير مسبوق لتطوير معارف ومهارات الأجيال القادمة، لكي تكون قادرة على مواجهة التحديات التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين، ومنها التطور التقني الهائل، والمهارات العالية التي يحتاجها سوق العمل، بالإضافة إلى تداخل العلوم والمعارف وارتباط بعضها ببعض، مما يتطلب تكثيف الجهود لرفع مستوى التعليم والتربية والتأهيل والتدريب لتكون في مستوى الطموحات، وكذلك تتطلب بذل الجهد منكم في التحصيل والتعلم والمشاركة ورفع مستوى الثقافة العامة والوعي بالمخاطر التي تواجه الأجيال الصاعدة».
بهذه الكلمات المضيئة جسّد معاليه أرقى معاني فلسفة القائد التربوي وأهدافه السامية، وجعل لها علاقة وثيقة بالوطن فهو موطن الإنسان وأساس هويته وعليه تاريخه وحاضره ومستقبله، كما أن الأجيال الصاعدة هي المستهدفة من التعليم وعليه يجب الوصول إلى رفع مستوى العمل لتتحقق الطموحات في بناء الوطن وخدمته عرفاناً وتقديراً ووفاءً.
وفيما كانت زيارات أصحاب السمو الأمراء ونوابهم للمدارس تتردد على الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحافة ووسائل الإعلام، طالعتنا اعتماد الهيكل التنظيمي لوزارة التعليم تحقيقاً للعمل التكاملي ولتيسير أداء المهام المناطة بالوزارة وفق الاختصاصات لكل منها وبما ينسجم مع رؤية المملكة 2030
وأكّد معاليه: «ليس أمامنا الوقت الطويل للتراخي والتريث فنحن ننطلق نحو تحولات لا ينسجم معها الركون إلى التسويف والتأجيل، وقد وضعت وزارة التعليم ضمن رؤيتها 2030 إستراتيجية طموحة، تشعرون الآن ببعضها والقادم أكثر تميزا، حيث تقوم الاستراتيجية على مبادئ الجدية والإتقان ورفعِ مستوى الثقة بنظامنا التعليمي، الذي نؤمل على مخرجاته أن يكون أثرها ظاهرًا وفاعلا بجهود كل فرد منا حيث كان موقعه ومهمته».
نعم، لقد لخَّص معالي الدكتور أحمد بن محمد العيسى بهذه العبارات المركزة، فلسفة البناء والتطور من خلال العملية التعليمية، وهذه العملية لا تستكمل نجاحها إلا من خلال خلق مبادئ الجدية والإتقان لدى منسوبي التعليم وأيضاً الطالب ورفع مستوى الثقة بالنظام التعليمي.
فلا يكفي أن تتحقق الأهداف ما لم يكن منسوبو التعليم على قناعة بالالتزام بالجدية والإتقان، وكذلك غرس هذه القناعة عند الطالب كي يتجلّد صعوبة الدراسة وأعباءها، ويتداخل فيها بحرص شديد وشغف واسع عارفاً أن حصاد سنوات دراسته ستكون له ولوطنه الذي يعيش فيه ولمجتمعه الذي ينتمي إليه.
دام صعودك وهباتك يا أيها الوطن الحبيب، ودامت قيادته الرشيدة وهي تصعد بالأجيال وتهتم بها من أجل الحاضر والمستقبل.
** **
- مدير العلاقات العامة والإعلام بتعليم وادي الدواسر