عندما نتمعن قليلاً في حال المجتمعات نجد بأنَّ أخطر أمرٍ يهدد حياة أفرادها هو زعزعة الأمن, فقد يحتمل الإنسان أن يكون فقيراً ولكنه لن يستطيع العيش في بيئة غير آمنة له ولأفراد أسرته.
لذا سعت بعض دول العالم التي تمتلك (قوة مالية) إلى خُبثٍ سياسي بدعم العمليات الإرهابية في دول أخرى لأسبابٍ مختلفة قد تكون دينية أو سياسية أو اقتصادية أو غيرهم, من خلال تجنيد بعض الأشخاص وإرسالهم لهذه الدول للقيام بعمليات تفجيرية.
ويُعرف الإرهاب في اللغة بأنه مشتق من الفعل الثلاثي (رهب) أي: خاف, والرهبة في أصل اللغة تعني الخوف والفزع.
كما يُقصد بالإرهاب في الاصطلاح بأنه كل فعلٍ يقوم به الجاني تنفيذاً لمشروعٍ إجرامي فردي أو جماعي بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر بقصد الإخلال بالنظام العام, وزعزعة أمن واستقرار أفراد المجتمع, وتعريض الوحدة الوطنية للخطر, وتعطيل النظام الأساسي للحكم, والإساءة لسمعة الدولة.
وقد يخلط بعض الناس بين الإرهاب والجهاد, فمما لا ريب فيه بأنَّ الجهاد في سبيل الله تعالى فريضة محكمة ماضية إلى أنْ تقوم الساعة, وهو يختلف عن الإرهاب في مفهومه وأهدافه وطرائقه, ومن أهم الفوارق بين الإرهاب والجهاد أنَّ الجهاد شُرِعَ من أجل دفع الظلم بينما الإرهاب هو الظلم بعينه, كما في قوله تبارك وتعالى:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
لذا اهتمت بعض دول العالم وعلى رأسها المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية بحل مشكلة الإرهاب, نظراً لانتشار تأثيره على أفراد المجتمعات باختلاف تنوع أجناسها وأعراقها ودياناتها وثقافاتها, الذي نتج عنه سفك الدماء, وتشريد النساء, وتيتيم الأطفال, وتدمير المباني, وهدم الحضارات.
ومن ذلك تنفيذ الاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب التي أقرها مجلس وزراء داخلية العرب عام 1417هـ, وأعقبها إقرار هذه الاتفاقية في صورتها النهائية عام 1419هـ, بهدف تعزيز التعاون لمنع الإرهاب ومكافحته للحفاظ على استقرار وأمن المجتمعات, والتعاون مع الدول والمنظمات والمؤتمرات الدولية من أجل ذلك.
وتم افتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «حفظه الله» للمركز العالمي لمكافحة التطرف بحضور الرئيس الأمريكي ترامب و55 رئيساً عربياً وإسلامياً, ويأتي ذلك ضمن مبادرة القضاء على الفكر المنحرف والأعمال الإرهابية.
كما تم إنشاء التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية.
وتمت مواجهة الاعتداءات الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني بنظام مكافحة جرائم شبكة المعلومات العالمية وتغليظ العقوبات.
كما تمت مطاردة كل من تسول له نفسه المساس بأمن وسلامة المواطن والوطن.
وقد كانت آخر إسهامات المملكة العربية السعودية لمحاربة الإرهاب في شهر ربيع الأول من عام 1439هـ التبرع بمبلغ مائة مليون دولار لصالح دول الساحل الإفريقي (مالي, تشاد, النيجر, موريتانيا, بوركينا فاسو), كما تبرعت أيضاً المملكة العربية السعودية في شهر ذي الحجة من عام 1439هـ بمبلغ مائة مليون دولار لصالح التحالف العالمي لدعم مشروعات الاستقرار في المناطق المحررة من داعش في شمال شرقي سوريا.
ومع ذلك فإنَّ المملكة العربية السعودية لم تسلم من حدوث عمليات إرهابية على أراضيها بدءاً من عام 1420هـ حتى وقتنا الحاضر, مما نتج عنه قتل الأبرياء وإصابة آخرين, وتدمير المساكن, وتلف السيارات.. إلخ.
حيث تسلسلت الأعمال الإرهابية في المملكة العربية السعودية كما يلي:
أولاً/ بقتل الأجانب الذي يعيشون في داخل أراضي المملكة العربية السعودية بحجة أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.
ثانياً/ قتل التترس, ويقصد بالتترس هو أن يحتمي العدو ويتترس بمن يحرم قتله من المسلمين وغيرهم ليمنع عن نفسه سهام وصد المسلمين به, لذا تم قتل بعض رجال الأمن السعوديين بحجة أنهم يحرسون الأجانب في مقر عملهم وسكنهم.
ثالثاً/ ظهور الطائفية, بانتشار تفجيرات في المساجد بمدن مختلفة كالقطيف ونجران.. إلخ, بهدف بث الفتنة والفرقة بين أفراد المجتمع السعودي.
رابعاً/ قتل الأقارب من أب وأم ونحوهم.
خامساً/ التفجير في مسجد نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم.
ويدل هذا التدرج في العمليات الإرهابية على خطورة الفِكر الإرهابي على أفراد المجتمعات, وضرورة اقتلاعه من جذوره, وأهمية توعية أفراد المجتمع بكيفية الحفاظ على عقول شبابنا وفتياتنا منهم لحمايتهم وحماية الوطن من هذا الفِكر الضال.
كما يأتي هنا دور جميع مؤسسات المجتمع من أسرة ومدرسة ومسجد ووسائل الإعلام والأندية الرياضية.. إلخ في التعاون فيما بينهم لمحاربة الإرهاب, لأن المسؤولية تقع على جميع المؤسسات وليس على مؤسسة واحدة دون الأخرى.
ختاماً..
من أقوال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» في مكافحة الإرهاب:
«نتعاون بكل قوة مع المجتمع الدولي لمواجهة الإرهاب أمنياً وفكرياً وقانونياً».
ومن أقوال ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان «حفظه الله» في مكافحة الإرهاب:
«الحرب على الإرهاب وكل من يدعمه ويموله لا بد أن تستمر وبكل حزم».