فضل بن سعد البوعينين
شدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في أكثر من مناسبة على ضرورة تحول المملكة إلى منصة لوجستية عالمية، من خلال الاستفادة من مقوماتها المتاحة وموقعها الإستراتيجي المتوسط بين القارات، والمطل على البحر الأحمر والخليج العربي. ثم أطر ذلك الهدف الطموح برؤية المملكة 2030 التي ركزت على رفع مساهمة قطاع الخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي، ورفع كفاءة الموانئ والمطارات وشبكات النقل بما يعزز تحقيق ذلك الهدف.
وزير النقل الدكتور نبيل العامودي أكد في «ملتقى حلول الشحن بالقطارات» أن الحلول المبتكرة لسلاسل الإمداد يحول المملكة إلى منصة لوجستية عالمية؛ وهذا ما يؤمن به الجميع، وبخاصة الحلول المبتكرة وغير التقليدية التي يمكن أن تختزل الزمن في تحقيق الأهداف وتسهم في ردم هوة البيات الماضية؛ وتدفع قطاع النقل إلى المراكز المتقدمة الداعمة للاقتصاد الوطني.
ومن المعروف عالميا أن شبكات القطارات أهم الأدوات الداعمة لسلاسل الإمداد، والربط اللوجستي بل إنها شريان الحياة لانتعاش القرى والمدن والمناطق وبخاصة في الدول مترامية الأطراف كالمملكة. لذا يركز خبراء التنمية عليها لربط المناطق والمدن ولتحقيق الانتعاش ودعم عمليات الإنتاج وتعزيز مكانتها في الاقتصاد. وبالرغم من أهمية قطارات الشحن القصوى لدعم كافة القطاعات الاقتصادية، إلا أن قطارات الركاب لا تقل عنها أهمية خاصة وأنها تسهل التنقل بين القرى والمدن والمناطق وتسهم في الربط المجتمعي وتساعد على نقل الركاب إلى مراكز العمل والتعلم والعلاج والترفيه وإن كانت في مدينة أو قرية أخرى. لذا يفترض الربط الدائم بين قطارات الشحن والركاب في جميع المشروعات التي يتم التخطيط لها، بل إن نظام القطارات الحديث يسمح بالدمج بين النوعين في المسافات الطويلة؛ الرابطة بين المدن والمناطق.
التوسع في شبكات القطارات يدعم إنشاء المراكز اللوجستية ويسهم في إنسياب نقل البضائع والمنتجات وتدفق السلع؛ ويحقق هدف رفد قطاع الخدمات اللوجستية ويدعم في الوقت نفسه تحقيق الأمن الإستراتيجي. وإذا كانت الوزارة مهتمة بالتكامل الشبكي، فإن الخطوط الأحادية وغير المتصلة تستحق التنفيذ وتشجيع الاستثمار فيها؛ فبدلا من انتظار المشروع الضخم الذي يحتاج إلى ميزانيات ضخمة وفترة زمنية طويلة، يمكن بقليل من المال والجهد والزمن ربط مواقع مهمة بشبكات قطار أحادية وغير متصلة بالشبكة الأم. وهذا ينطبق على ربط بعض المدن المتلاصقة، والمناطق الصناعية كالجبيل الصناعية ورأس الخير على سبيل المثال لا الحصر، مع الأخذ في الاعتبار ربطها مستقبلا بالشبكة الرئيسة. فمخاطر النقل بالشاحنات تؤرق المواطن والمقيم، وسالكي الطرق، بل إن شاحنات المواد الخطرة باتت تغزو المدن ومنها مدينة الجبيل في طريقها إلى الميناء الصناعي، وربما اضطرت للتوقف لفترات طويلة انتظار للتفريغ، ما يرفع من مخاطر التلوث والمخاطر الأخرى. لذا من الأجدى أن تكون هناك شبكة قطارات شحن تربط المصانع بالميناء، وخط آخر لقطارات الشحن والركاب يربط رأس الخير بالجبيل الصناعية. أعلم أن هناك خططا وبرامج للربط الحديدي بين المدينتين والمدن الأخرى؛ إلا أن تأجيل تلك المشروعات الحيوية لضخامة ميزانياتها أمر يجب أن يتوقف؛ ويعاد النظر في التنفيذ الجزئي الضامن لمعالجة المشكلات ودعم الاقتصاد الوطني وخفض المخاطر.