لا شك أن أهم ما يفخر به كل مواطن على هذه الأرض المباركة هو تشرّفه بخدمة بيوت الله، ولا شك أن كل واحد منَّا في هذا المجتمع الكريم يعتز تمام الاعتزاز بهذا التشريف الذي يسبقه فخر بما حباه الله من نعم عظيمة لا تعد ولا تحصى، ولا يختلف عاقل مع أي طرف يرى أهمية تطور بيوت الله في هذا العصر بالذات سواء في البناء أو التشييد أو التجديد أو الإبداع أو الإخراج في فن العمارة، فإن مظاهر الرقي في هذه البلاد الكريمة تتوالى يوماً بعد يوم، فإن مجاراة ما يحدث في العالم من تطور وابتكار في التصميم والفن والاحتراف في الأعمال الجوهرية لهذه البيوت الشريفة تعتبر من الذوق العام الذي يخدم الموروث الحضاري العربي والإسلامي وهما كل لا يتجزأ ولا ينفصل عن بعضه البعض فهناك أيد حانية وقلوب رحيمة وأيد بيضاء خطت خطوات جبارة في الأعمال الإنسانيَّة والمشاريع الخيرية منذ زمن ليس بالقصير فهذه الأعمال الخيرية تعتبر جزءاً رئيساً من منظومة العمل الإسلامي، حيث تلتقي القيم الأخلاقية مع التوجيهات الربانية والإيمانية والتي تشكِّل هويتنا الإسلامية في هذه البلاد الكريمة التي تعد المرجعية الأولى للعالم الإسلامي، فهذه مسؤولية اجتماعيَّة ينذر لها الكثير منَّا. فالأمير مشعل له أياد بيضاء - نسأل الله له المغفرة والرحمة والمثوبة من رب العباد- فجزاه الله خير الجزاء على ما قدم. ويُعَدُّ جامع الأمير مشعل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله بِعَرِقَة - تحفة معمارية راقية يلفت نظر الساكن والزائر والعابر تلك المئذنتين الشامختين على مرمى البصر من الجهة الغربية من المبنى ويقع الجامع على مساحة واسعة ومرتفعة وتحيط به الشوارع من كافة الجهات الأربع ويمتاز بفن العمارة الحديثة مما يجعل المرء يتأمل بنظرة ثاقبة على ذلك المعلم البارز الذي يتحلَّى بعوامل جاذبة مما جعلته أكثر شهرةً وصيتاً من بين الجوامع التي تحيط به من كافة الجهات والجامع في وضعه الراهن يضم العديد والعديد من النقوش والزخارف الجميلة التي تواكب التطور الحضاري إلى جانب الآيات القرآنية المكتوبة بخط راق وجميل، مما يجعل المرء المتأمل بهذا المعلم المتميز يصاب بالانبهار لأن آلية العرض تنسجم مع روح العصر وتطوراته فإن تمازج الألوان بألوان الطيف تشكل إبداعاً راقياً فأصبحت تلك الزخارف والنقوش إشكالاً تناغمت فيها الأعمال والزخارف والنقوش والأقواس وتعددت مصادر الاستلهام وتناقشت فيها الأناملتنوّعت الخامات والألوان والأشكال إنها رموز جميلة تدعو للتأمل الأنيق والتفكر العميق، حيث إنها تعبر عن المكان والزمان والتاريخ والجغرافيا والفكر والثقافة، إنه معلم بارز وبديع مغطى بكافة الألوان الذهبية التي تسلب الألباب، كما أن الجامع يتمتع بعدة مداخل واسعة تفتح كل هذه الأبواب على الداخل ماعدا باب الإمام يفتح على داخل المحراب. تمتاز هذه الأبواب بألوان جميلة ونقوش رائعة ونوافذ كبيرة ومقوسة ويعد منبر الجامع من روائع الفن الإسلامي وتحفة ثمينة بتلك الأقواس المطرزة يتوسطها لفظ الجلالة، كما أن الجامع يتمتع بسجاد فاخر اللون يمتاز بأشكال راقية كأنها مسطحات برية يكتال المرء النسيم من كل جهة .
ومن العناصر الجميلة التي تبهر الزائر أيضاً القبة العملاقة التي تتوسط الجامع والتي تعد من روائع الفن المعماري الحديث فالأقوس المتعددة والأعمدة العالية المطرزة بالأشكال والزخارف الرائعة التي تعبر عن فن العمارة ودورها الحضاري وكذلك الساحات الواسعة التي تحيط بالجامع مع كافة الجهات فإنها تنعش الروح وتبعد السأم فضاءً واسعاً لا يحجبه سقفاً ولا حائطاً ولا مبنى ولا شجراً تحيط بك المسطحات الخضراء من كل جانب وسيدة الأشجار تقابلك أمام المداخل الثلاثة الرئيسة الجنوبي والشرقي والشمالي ومواقف تحيط الجامع مع كافة الجهات ودورات للمياه للرجال والنساء ومقاعد متحركة وثابتة لكل الجنسين معاً وثلاجات لمياه الشرب. وأرفف خاصَّة لعلب مياه الشرب وللأحذية ولوحات إرشادية. ويتسع الجامع لحوالي (5000) خمسة آلاف مصلٍ ألف للنساء والبقية للرجال ويحظى الجامع ولله الحمد والمنّة بإمام وخطيب يمتاز بحسن الصوت والتلاوة ويلقى خطبه عن ظهر قلب وكذلك المؤذن يمتاز بحسن الصوت.
وختاماً: أسأل الله - عزَّ جلَّ - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل أعماله خالصة لوجهه الكريم إنه سبحانه وليُّ ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.