ثقافة الحوار هي إحدى سمات المجتمعات المتحضرة، ومن أهم أدبيات التواصل الاجتماعي والفكري التي تساعد على تنمية قدرة الإنسان على التحليل والاستدلال والتفكير المشترك من أجل حل المشكلات وإنهاء الخلافات، فضلاً عن تعزيز التماسك الاجتماعي بروح الصفاء والتسامح، فالحوار أسلوب حضاري ومطلب إنساني حتى يصل الفرد من خلاله لقبول الآخر ويسهم في التنوع الثقافي.
ولا يمكن أن تتحقق النهضة والتنمية والازدهار في أي مجتمع دون ترسيخ ثقافة الحوار، والتنوع الفكري وروح التسامح بين أفراده. هناك عدة مؤسسات تتحمل مهمة ترسيخ ثقافة الحوار داخل المجتمعات لوأد المشكلات وقطع دابر الفتن والخلافات بهدف إرساء القواعد الأخلاقية التي تقوم على الاحترام المتبادل عبر آليات الحوار والتفاهم، ومن أهم هذه المؤسسات هي الأسرة، المؤسسات التعليمية، المؤسسات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي.
لا بد أن نعرف أن دور الأسرة مهم في ترسيخ ثقافة الحوار، وأن تربي أفرادها على مبدأ الحوار والتسامح، لأنه سينعكس سلباً أو إيجاباً على تكوين شخصيتهم وسلوكهم داخل الأسرة وعلى المدى البعيد في إطار العلاقات المجتمعية بشكل عام، يقول أرسطو: «إذا كان من اللازم.. ليصبح المرء فاضلاً يوماً ما، أن تكون قد أحسنت تربيته في البداية».
وأيضاً لا ننسى دور المؤسسات التعليمية فهي تلعب دوراً أساسياً في ترسيخ العادات السلوكية الحسنة لدى الطفل، فيتعلم فيها مهارات الاتصال والتعاون مع الآخرين من خلال الحوار والإقناع.
كذلك دور المؤسسات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي مهم في صناعة الوعي والمعرفة لدى أفراد المجتمع ووجوب توجيهه إلى تبني ثقافة الحوار في سياق إعلامي شيق ومواد ثقافية وحوارية مفيدة.
ومن المهم معرفة أن الهدف من ثقافة الحوار ليس إظهار القدرات الحوارية أمام الآخرين، ولذلك لا بد أن يكون الهدف هو بلوغ الحق والوصول إلى الحقيقة بطريقة إقناعية وعملية بعيداً عن التعصب والخصومة.
إن ثقافة الحوار واحترام الاختلاف في وجهات النظر يسهم في التماسك الاجتماعي، وينعكس ذلك على المجتمع واستقراره.