د. صالح بكر الطيار
مظاهرات دامية في العراق، وفوضى مسلحة في اليمن يقودها الحوثيون، ومذابح في سوريا، وحرب شوارع في ليبيا، وقتل للأبرياء في فلسطين، وحرب ضروس مع فلول الإرهاب في سيناء مصر، وزعزعة أمنية في لبنان، ودمار ينهش الجسد العربي الذي أصبح على صفيح ساخن..
هذا مشهد واحد في أيام قلائل ماضية وسط توجس وحذر من مجازر وإبادات في سوريا..
جماعات القتل تروي تعطشها للدماء عبر داعش الذي وزع مقاتليه وخلاياه النائمة في أوساط المدنيين ووسط الأحياء الآمنة وبين الجماعات المتحاربة؛ ليضفي مزيدًا من الدمار على الخارطة العربية.
أوقفت أمريكا المساعدات للفرق الأممية في فلسطين، ومبعوث الأمم المتحدة يجهز الأعذار في ظل غياب الحوثي عن مؤتمرات متعددة، تخص جمع الفرقاء في اليمن على طاولة الحوار.. وسط تقارير مغلوطة عن الأوضاع هناك في ظل أن الأوضاع تشهد تأزمًا واضحًا، وتزايدًا في الانفلات الأمني في كل الدول وسط مؤشرات لا تنبئ بخير في قادم الأيام.
وبرؤية عميقة لذلك فإن وجود هذا التزامن بين هذه الأزمات يجعلنا أمام تخطيط خفي، يحيط بهذه الدول لنشر هذه الفوضى، وإشاعة الاضطراب في شوارعها وأحيائها ووسط سكانها في ظل تصريحات متأرجحة للتخدير، لم تُزِد الأزمة إلا تصاعدًا أكثر مع الأيام.
انعقاد جلسات طارئة لمجلس الأمن أو جامعة الدول العربية بشأن هذا المشهد الدامي الذي تشهده الدول العربية قد يوقف بعض التصعيد، ولكن القرارات الأممية والدولية والعقوبات يجب أن تطول المندسين المخططين لهذه الأزمات..
تركيا اتبعت إيران في التدخل المستمر في شؤون البلدان وأوضاعها الداخلية في وقت باتت فيه الشعوب أكثر استيعابًا لما يدور بينهم من حروب وقتل وتهجير وتدمير.. في ظل مواصلة المسؤولين عن هذه الأزمات عقد الاجتماعات، والاعتماد على تصريحات غير مجدية أمام وضع راهن، لا مكان للأمان فيه.
الأزمات العربية تتزايد، والمجرمون واقفون ينتظرون مزيدًا من الضحايا، ويقفون على مرأى من اضطراب صنعته خططهم الرامية إلى بسط النفوذ على شعوب لها حريتها، ودول لها شرعيتها، التي تتعارض مع أبسط أسس القوانين الدولية والاتفاقيات الأممية في هذا الجانب؛ وهو ما يجعل المصير غامضًا في ظل قرارات غير معلنة، وتجاهل غير مبرر.
يجب أن تعيد حكومات الشعوب حساباتها، وأن تضع المجهر على بؤر الخراب في دولها، وأن تبحث عن الخلايا النائمة في أراضيها، وأن تنظر للأزمة من منظور واضح بعيدًا عن الاجتهادات؛ لأن الغمة انقشعت، وظهر من خلالها الواقفون وراء دعم منظمات الإرهاب، والباحثون عن مصالح نفوذ خارج بلدانهم لأجل السيطرة ومسك زمام الأمور وإدارة الشعوب عن طريق ممثلين وموالين لهم تحت مظلة الطائفية وإملاءات توزيع الأدوار. وعلى الأمم المتحدة أن تغير من تعاطيها مع الأزمات العربية تحديدًا بعيدًا عن المؤجلات وإرسال الوفود التي تستقطع أوقاتًا كبيرة؛ وهو ما يعطي تجار الأزمات وقتًا كافيًا لتوسيع مساحات الدمار، وتحقيق أهداف فوضى متزايدة على حساب الشعوب وحرياتها.